غيره ، برع في المعقول والمنقول ، وتقدّم وهو في عصر الصبا على العلماء الفحول ، وقال هو قدسسره في خطبة كتابه «منتهى المطلب» : إنّه فرغ من تصنيفاته الحكميّة والكلاميّة وأخذ في تحرير الفقه من قبل أن يكمل له ٢٦ سنة ... ولمّا طلب السّلطان خدابنده عالما من العراق من علماء الإماميّة ليسأله عن مشكل وقع فيه ، وقع الاختيار على العلّامة الحلّي قدسسره لما دلّ على تفرّده في عصره في علم الكلام والمناظرة ، فذهب وكانت له الغلبة على علماء مجلس السّلطان ... وبالجملة فالعبارة تقتصر عن استيفاء حقّ العلّامة الحلّي قدسسره واستقصاء وصف فضله ، فلنكتف بهذا المقدار.
أخباره مع السّلطان اولجايتو
ذكر المجلسي الكبير في روضة المتّقين : إنّ السّلطان اولجايتو محمّد المغولي الملقّب بشاه خدابندة غضب على إحدى زوجاته ، فقال لها أنت طالق ثلاثا ثمّ ندم ، فسأل العلماء فقالوا : لا بدّ من المحلّل ، فقال : لكم في كلّ مسألة أقوال ، فهل يوجد هنا اختلاف؟ فقالوا : لا ، فقال أحد وزرائه (١) : في الحلّة عالم يفتي ببطلان هذا الطّلاق ، فقال العلماء : إنّ مذهبه باطل ، ولا عقل له ولا لأصحابه ، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى مثله ، فقال الملك : امهلوا حتّى يحضر ونرى كلامه ، فبعث فأحضر العلّامة الحلّي ، فلمّا حضر ، جمع له الملك جميع علماء المذاهب ، فلمّا دخل على الملك أخذ نعله بيده ودخل وسلّم وجلس إلى جانب الملك ، فقالوا للملك : ألم نقل لك أنّهم ضعفاء العقول؟ فقال : اسألوه
__________________
(١) على احتمال قوي كان هو خواجه رشيد الدّين الشهيد ، سيأتي ترجمته.