الحمد لله (١).
هذا ملخّص من حياته السياسيّة ، والسياسة لا تعرف أبا ولا امّا فإنّ الملك عقيم ، فلا يلبث اسم أصحاب السياسة أن يضيع في طيّات الزمن ويختفي في أغوار الدّهر.
حياته الثّقافيّة
أمّا الآن لا بأس أن نشير إلى حياته الثقافيّ الّتي أكسبت رشيد الدّين الخلود وجعلته من أحياء الذكر على طول الدّهر.
فإنّه كان من أفاضل الادباء والأطبّاء والوزراء في أوائل القرن الثامن الهجري. وكان طبيعيّا ماهرا في الفلسفة والرّياضيّات.
قال المستشرق الفرنسي «كاترمير» في مقدمة جامع التواريخ : إذا غضضنا النظر عن الطّبّ الّذي أقبل رشيد الدّين على تعلّمه منذ زمن مبكّر ، وعن شتّى فروع المعرفة الاخرى الّتي ترتبط بهذا العلم برباط مباشر ، وجدنا أنّه أيضا لم يهمل دراسة الزّراعة والهندسة والميتافيزيقا واللّاهوت.
ويقول عنه أيضا : كان مولعا بالمعرفة أشدّ الولع ، فاستطاع رغم كلّ هذه المشاغل والموانع أن يجد لنفسه الوسيلة لمعالجة الآداب والعلوم ، والإحاطة بالدّين الإسلامي إلى أعمق حدّ ، وكان يحيط إحاطة تامّة بكثير من اللغات وهي الفارسيّة والعربيّة والمغوليّة والتركيّة والعبريّة وربّما الصينيّة ؛ ولو لم تشغله السياسة ولم يغرّه الحكم ، لكان له من الشّأن فوق الّذي كان (٢).
وكيف لا يكون من أحياء الذّكر وله من التأليفات مثل «التوضيحات» و
__________________
(١) روضات الجنّات ٢ : ٢٨١.
(٢) أعيان الشيعة ٨ : ٤٠٢.