فتكون عادته تعالى جارية بالإضلال ، فكيف يعرف صدق الأنبياء حينئذ ، وأيّ طريق يوصلنا إلى ذلك ، مع علمنا بأنّه تعالى يضلّ العالم ، ويفعل بهم ضدّ الحقّ ، ولا يريد هدايتهم ، ولا إرشادهم؟ فنعوذ بالله تعالى من المصير إلى هذا المذهب المؤدّي إلى ذلك.
العاشر :
الأشاعرة شاكّون في حصول النّجاة لهم ولأنبيائهم ، إذ لا يمكنهم الجزم بذلك ، فإنّ الثّواب والعقاب غير مستحقّين عندهم بفعل الطّاعات والمعاصي ، بل جاز أن يعذّب الله المؤمن ، بل النّبي ، ويثيب الكافر على ما تقدّم ، والشكّ كفر نعوذ بالله من ذلك.
الحادي عشر :
إنّه يلزم منه أن يصف الله تعالى نفسه بوصف غير متحقّق له وذلك كفر ، بيان ذلك أنّه تعالى وصف نفسه بالرّحمة والغفران والعفو ، وإنّما يتحقّق ذلك لو كان الله تعالى مستحقّا للعقاب في جنب الفسّاق بحيث يتحقّق بإسقاط العفو والغفران والرحمة ، وإلّا فأين يتحقّق العفو إذا لم يكن مستحقّا لعقاب العصاة ، وإنّما يتحقّق العقاب لو كان العصيان مستندا إلى العبد ، أمّا إذا (١) كان مستندا إلى الله تعالى ، واقعا بإرادته لم يكن له (٢) على العاصي حقّ.
الثّاني عشر :
إذا كانت الأفعال واقعة بإرادته وقدرته تعالى كيف يتحقّق الظّلم من العباد ، وكيف يحسن منه تعالى أن يقول : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (٣) وأيّ
__________________
(١) في «ش» و «آ» : ما ، في «ق» : لو.
(٢) له في «م» فقط.
(٣) سورة هود (١١) : ١٨.