تصديق الكذّاب ، فإذا صدّق الله تعالى مدّعي الرّسالة علمنا أنّه صادق ، لاستحالة القبيح عليه ، وهذه المقدّمة لا تتمشّى على مذهب الأشاعرة ، لأنّ القبائح كلّها مستندة إلى الله تعالى عندهم ، فجاز أن يصدّق الكاذب ، فلا يتحقّق العلم بصدق النّبي الصادق.
الرّابع عشر :
الأشاعرة لم يرضوا بقضاء الله تعالى وقدره ، وحرّموا ذلك على العباد ، لأنّ الله تعالى قضى بالكفر على الكافر وبالمعصية على العاصي وحرّموا الرّضا بالكفر والعصيان. أمّا الإماميّة ، فإنّهم رضوا بقضاء الله تعالى وقدره ، لأنّه تعالى إنّما يقضي بالحقّ ويقدره ، وحاشى الله تعالى أن يقضي بالباطل.
الخامس عشر :
مذهب الأشاعرة يلزم منه انتفاء (١) الوثوق بوعد الله تعالى ووعيده ، وتنتفي فائدة بعثة الأنبياء عليهمالسلام لأنّ أنواع المعاصي عندهم صادرة عنه تعالى ومن جملتها الكذب ، فجاز أن يكون خبره بالوعد والوعيد كذبا ، فلا يبقى في بعثة الأنبياء فائدة وذلك فساد عظيم تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
السّادس عشر :
لو كانت الأفعال مخلوقة لله تعالى لزم تكليف ما لا يطاق ، وهو قبيح عقلا ، والسّمع قد منع منه ، فقال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٢).
السّابع عشر :
إنّ الله تعالى خلق العالم عند الإماميّة والمعتزلة لحكمة ظاهرة وهي إيصال الجود إلى خلقه ، فإنّه قد ثبت أنّ الوجود خير والعدم شرّ ، ولإظهار
__________________
(١) في «م» و «ق» و «ح» : إسقاط.
(٢) سورة البقرة (٢) : ٣٨٦.