الآيات الدالّة على تحسّر الكفّار في الآخرة ، والنّدم على الكفر والمعصية ، وطلب الرّجوع إلى الدّنيا ليفعلوا الخير ، مع أنّهم في المرّة الثانية مقهورون على فعل الكفر والمعاصي ، فأيّ فائدة لهم في ذلك ، وقد كان طريق الاعتذار أنّ هذه الأفعال ليست صادرة عنّا باختيارنا ، بل هي من فعل الله تعالى وقضائه ، ولا اختيار لنا فيها ، قال الله تعالى : (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) (١) (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) (٢) (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) (٣) (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٤)
السّابع عشر :
الآيات الدالّة على نكس رءوس الكفّار واستحيائهم من الله تعالى ، كقوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (٥) وأيّ موجب لنكس رءوسهم ، والحياء اللّاحق بهم ، مع أنّهم غير قادرين على ترك المعصية ، وأنّها من فعل الله تعالى؟
الثّامن عشر :
القرآن إنّما نزّل حجّة لله على عباده ، وكذا إرسال الرّسل ، قال الله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (٦) وأيّ حجّة أعظم على الله من حجّة الكفّار؟ فإنّ لهم أن يقولوا كيف تأمرنا بالإيمان وقد خلقت فينا ضدّه؟ وإنّه لا
__________________
(١) سورة فاطر (٣٥) : ٣٧.
(٢) سورة المؤمنون (٢٣) : ١٠٧.
(٣) سورة المؤمنون (٢٣) : ١٠٠.
(٤) سورة الزمر (٣٩) : ٥٨.
(٥) سورة السجدة (٣٢) : ١٢.
(٦) سورة النساء (٤) : ١٦٥.