ومن أغرب الأشياء وأعجبها أنّهم ينزّهون أنفسهم عن المعاصي والكفر وأنواع الفساد ، وينزّهون إبليس عن ذلك أيضا ، ووصفوا الله تعالى بذلك ، وقد كذّبهم الله تعالى في كتابه العزيز ، فقال : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) (١) وقال : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (٢) والأشاعرة يقولون : إنّه يريد منهم الكفر ، وأيّ عاقل يرضى لنفسه مذهبا يلزم منه تكذيب الله تعالى.
السّادس :
إنّه يلزم منه أن يكون الكافر مطيعا لله تعالى بكفره ، لأنّه قد فعل ما هو مراد الله تعالى وهو الكفر ولم يفعل ما يكرهه الله تعالى وهو الإيمان ، لأنّ الإيمان عندهم غير مراد الله تعالى من الكافر ، بل هو ممّا يكرهه الله تعالى من الكافر ؛ وأيّ عاقل يرضى لنفسه اعتقادا بأنّ الكفر إطاعة ، وأنّ الإيمان معصية ، نعوذ بالله تعالى من ذلك.
السّابع :
إنّه يلزم منه نسبة السّفه إلى الله تعالى ، وأنّه يفعل ضدّ الحكمة ، لأنّ العقلاء إنّما يأمرون الغير بما يريدون إيقاعه منه ، وينهون عمّا يكرهون إيقاعه منه ، وإنّ من أراد من غيره فعلا ونهاه عنه ، ومن كره فعلا وأمر به نسبه العقلاء إلى الحمق والسّفه.
(شبهة الأشاعرة في الإيمان والجواب عنها)
والأشاعرة يقولون : إنّ الله تعالى كره الإيمان من الكافر وأمر به وأراد
__________________
(١) سورة الأعراف (٧) : ٢٨.
(٢) سورة الزمر (٣٩) : ٧.