رحمته ولطف عنايته وطلب معرفته ، كما قال في كتابه العزيز (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (١) ثمّ أرسل الرّسل لإرشاد العالم إلى كيفيّة عبادته على الوجوه الشّرعيّة ، لعجز العقول عن تفاصيل العبادات ، فيثيب المطيع لهم ويعاقب المخالف المعاند ، وإنّما يتمّ ذلك كلّه لو كان الله تعالى يفعل لغرض ، وكان للعبد أثر في أفعاله ، وعلى قول المجبرة لا يتمّ ذلك ، لأنّه تعالى عندهم لا يفعل لغرض ، ولا أثر للعبد البتّة.
الثامن عشر :
إنّه يلزم إفحام (٢) الأنبياء عليهمالسلام لأنّ النّبي إذا قال للكافر : آمن بي ، فإذا قال له الكافر : قل للّذي بعثك يخلق فيّ الإيمان بدل الكفر حتّى آمن ، لأنّي لا قدرة لي على مقاهرة القديم انقطع النّبي.
(الأدلّة النّقليّة لمذهب العدليّة)
وأمّا المنقول فوجوه :
الأوّل :
الآيات الدّالّة على مدح المؤمن على إيمانه وذمّ الكافر على كفره والوعد بالثّواب على الطّاعة والعقاب على المعصية ، كقوله تعالى : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) (٣) (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) (٤) (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (٥) (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (٦) (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) (٧) (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) (٨) (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما
__________________
(١) سورة الذاريات (٥١) : ٥٦.
(٢) أفحمت الخصم إفحاما : إذا أسكتّه بالحجّة.
(٣) سورة النجم (٥٣) : ٣٧.
(٤) سورة الإسراء (١٧) : ٣.
(٥) سورة التوبة (٩) : ١١٤.
(٦) سورة القلم (٦٨) : ٤.
(٧) سورة مريم (١٩) : ٣٧.
(٨) سورة تبّت (١١١) : ١.