قدرة لنا عليه ، ولا على أن نقهر مرادك ، وكيف تنهانا عن الكفر وقد خلقته فينا؟ وأيّ عذر لله تعالى عن ذلك ، وما يكون جوابه تعالى عند الأشاعرة عن هذا الإلزام (١)؟!
وما أحسن قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام لمّا سأله الشّامي ، أكان مسيرك إلى الشّام بقضاء الله وقدره؟ فقال عليهالسلام : «ويحك ، لعلّك ظننت قضاء لازما ، وقدرا حاتما؟ ولو كان ذلك كذلك لبطل الثّواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد ، إنّ الله سبحانه وتعالى أمر عباده تخييرا ، ونهاهم تحذيرا ، وكلّف يسيرا ولم يكلّف عسيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يرسل الأنبياء لغوا ، ولم ينزل الكتب للعباد عبثا ، ولا خلق السّماوات والأرض وما بينهما باطلا (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)» (٢)
__________________
(١) أقول : زاد المؤلّف العلّامة في بعض مؤلّفاته وجها آخر عليها ، وهو الآيات الدالّة على اعتراف الأنبياء عليهمالسلام ببعض أفعالهم ، وإضافتها إلى أنفسهم ، كقوله تعالى حكاية عن آدم عليهالسلام : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) الأعراف (٧) : ٢٣ ، وعن يونس عليهالسلام : (سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) الأنبياء (٢١) : ٨٧ ، وعن موسى عليهالسلام : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) القصص (٢٨) : ١٦ ، وقال يعقوب عليهالسلام لأولاده : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) يوسف (١٢) : ١٦ ، وقال يوسف عليهالسلام : (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) يوسف (١٢) : ١٨ ، وقال نوح عليهالسلام : (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) هود (١١) : ٤٧ ، فهذه الآيات تدلّ على اعتراف الأنبياء عليهمالسلام بكونهم فاعلين لأفعالهم.
(٢) سورة ص (٣٨) : ٢٧. تمام الرواية كما ذكرها المؤلّف في شرحه على التجريد : ٣٤٢ ، عن الأصبغ بن نباتة لمّا انصرف من صفّين فإنّه قام إليه شيخ ، فقال : أخبرنا يا أمير المؤمنين عن