فانظر إلى توبيخه عليهالسلام للشّامي وتنذيره بقوله : «ويحك» ، مع أنّها كلمة توبيخ ، حيث ظنّ أنّ القضاء لازم له.
ثمّ إلى قوله : «لو كان قضاء لازما لبطل الثّواب والعقاب ، وسقط الوعد و
__________________
مسيرنا إلى الشام ، أكان بقضاء الله وقدره؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ما وطئنا موطئا ، ولا هبطنا واديا ، ولا علونا تلعة إلّا بقضاء الله وقدره ، فقال له الشيخ : عند الله أحتسب عنائي؟ ما أرى لي من الأجر شيئا ، فقال عليهالسلام له : مه ، أيّها الشيخ ، بل عظّم الله أجركم في مسيركم وأنتم سائرون ، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ، ولا إليها مضطرّين ، فقال الشيخ : كيف؟ والقضاء والقدر ساقانا ، فقال عليهالسلام : ويحك ، لعلّك ظننت قضاء لازما وقدرا حتما ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، والوعد والوعيد ، والأمر والنهي ، ولم تأت لائمة من الله لمذنب ، ولا محمدة لمحسن ، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء ، ولا المسيء أولى بالذّمّ من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ، وجنود الشيطان ، وشهود الزّور ، وأهل العمى عن الصواب ، وهم قدريّة هذه الامّة ومجوسها ، إنّ الله تعالى أمر تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وكلّف يسيرا ، لم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يرسل الرّسل عبثا ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) فقال الشيخ : وما القضاء والقدر اللّذان ما سرنا إلّا بهما؟ فقال عليهالسلام : هو الأمر من الله تعالى والحكم ، وتلا قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) الإسراء (١٧) : ٢٣ ، فنهض الشيخ مسرورا وهو يقول :
أنت الإمام الّذي نرجو بطاعته |
|
يوم النّشور من الرّحمن رضوانا |
أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا |
|
جزاك ربّك عنّا منه إحسانا |
رواها الكليني في الكافي ١ : ١٥٥ ، والصدوق في التوحيد : ٣٨٠ ، ٣٨٢ ، وعيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٣٩ ، والمفيد في الإرشاد ١ : ١٢٠ ، والحرّاني في تحف العقول : ٤٦٨ ، والطبرسي في الاحتجاج ١ : ٢٠٨ ، والسيد الرضي في نهج البلاغة : ٤٨١ ، والكراجكي في كنز الفوائد ١ ٣٦٣.