والرب باستقلاله متوحد |
|
أفممكن أن يستقل اثنان |
لو كان ذاك تنافيا وتساقطا |
|
فإذا هما عدمان ممتنعان |
والقهر والتوحيد يشهد منهما |
|
كل لصاحبه هما عدلان |
ولذلك اقترنا جميعا في صفا |
|
ت الله فانظر ذاك في القرآن |
فالواحد القهار حقا ليس في الا |
|
مكان أن تحظى به ذاتان |
الشرح : بعد هذا الاستطراد الطويل بذكر مذاهب الفلاسفة والدهرية في قدم العالم وموقف ابن سينا ونصيره نصير الدين الطوسي من الاسلام وأهله رجع الى ما كان فيه من بيان أن الله هو وحده القديم ، وأن كل ما سواه حادث ، فقال أن أمارات الحدوث وهو الوجود بعد العدم بادية على كل جزء من أجزاء هذا العالم المخلوق المصنوع ، فإن هذه التغيرات الدائبة التي تجري في هذا العالم علوية وسفلية من ولادة وموت وزرع وحصاد ، وهبوب رياح ونزول أمطار ، وشروق وغروب وحر وبرد ، وزلازل وصواعق الخ ، تشهد بحدوثه اذ لو كان قديما لما قبل هذه التغيرات ، كما أن أدلة التوحيد المثبتة لانفراده سبحانه بالربوبية والقهر شاهدة كذلك بحدوث كل ما سواه ، اذ لو كان معه قديم غيره لكان مستغنيا في وجوده وبقائه عنه فيكون ربا معه ، ومن خصائص الرب أن يستقل بالخلق والايجاد ، فلو كان هنا ربان لحاول كل منهما أن يستقل بالفعل ولا يتم له ذلك ما دام له شريك مساو له في القدرة ومكافئ في الربوبية فيتمانعان ويتعارضان ، فإذا هما عدمان ممتنعان قال تعالى : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) [المؤمنون : ٩١] وحينئذ فلا بد أن ينفرد أحدهما بالقهر والعلو على الآخر ويكون الآخر عاجزا مغلوبا ، ولهذا كان كل من القهر والتوحيد عدلا للآخر ودالا على صاحبه فكل واحد قهار وكل قهار واحد. وهذا هو سر مجيئهما مقترنين في كتاب الله تعالى كما قال سبحانه : (قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد : ١٦] وكما قال : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) [الزمر : ٤]