كان عنا غنيا ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم. فغضب أبو بكر وضربه على وجهه ضربا شديدا ، فذهب فنحاص إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يشكو أبا بكر. فقال له الرسول عليهالسلام «ما حملك على ما صنعت يا أبا بكر» فقال : يا رسول الله ان عدو الله قال قولا عظيما يزعم أن الله فقير وأنهم أغنياء ، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال ، فضربت وجهه فجحد فنحاص ذلك فنزلت الآية.
وكما حكى الله عزوجل مقالة فنحاص هذه حكى لنا مقالة بعض الجهلة من قومه اليهود أن عزيرا ابن الله لما كتب لهم التوراة بقلمه بعد غلبة العمالقة على بني إسرائيل وذهاب علمائهم مع أن كلا من هاتين المقالتين فسادها ظاهر ، وليست مشهورة في أي مكان وزمان. فإذا كان الله سبحانه قد نزه نفسه عما تقدم من العيوب والنقائص وعما قاله اليهود مع عدم اشتهاره وظهور فساده ، فلأي شيء إذا لم ينزه نفسه عن تلك المقالة وهي كونه فوق عرشه مباينا لخلقه إذا كانت متضمنة لمعنى فاسد لا يجوز اعتقاده في حق الله تعالى مع شهرة هذه المقالة وتفاقم أمرها واجماع أهل الأديان عليها ، فكانت هي أحق من هذا كله بالتنبيه على فسادها والتحذير منها مع ان العكس هو الواقع ، فالله عزوجل يثبت لنا هذه المقالة ويعيدها ويكررها في كتابه في اسلوب واضح صريح مثل قوله تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) [الملك : ١٧](ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [يونس : ٣](إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) [فاطر : ١٠](تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) [المعارج : ٤] إلى غير ذلك من الآيات التي لا تقبل تأويلا. وقوله ـ ذو البهتان ـ أي الكذب والافتراء واتهام الغير بما ليس فيه. وقوله ذو الوجد بضم الواو : بمعنى الغنى والتفاقم الزيادة والاشتهار.
* * *
لا سيما تلك المقالة عندكم |
|
مقرونة بعبادة الاوثان |
أو أنها كمقالة لمثلث |
|
عبد الصليب المشرك النصراني |
إذ كان جسما كل موصوف بها |
|
ليس الإله منزل الفرقان |
فالعابدون لمن على العرش استوى |
|
بالذات ليسوا عابدي الديان |