لا ينقسم. بيان الملازمة أنّه لو انقسم لكان جزؤه إمّا علما فلا يكون ما فرضناه واحدا واحدا(١٢٦) ، بل علوما ، هذا خلف. وإن لم يكن جزؤه علما كان العلم مركّبا من ما ليس بعلم ، وهو باطل. وأمّا أنّه إذا كان العلم غير منقسم فالمتّصف به غير منقسم ، لأنّه لو انقسم المحلّ لكان العلم إمّا أن يكون قائما بأجزائه كلّها ، فيكون الواحد حالا في محلّين بل أكثر ، وهو محال ، أو في جزء منها فيكون ذلك الجزء هو الموصوف بالعلم دون غيره. وإذا ثبت ذلك وجب أن لا يكون محلّ العلم جوهرا جسما ولا جسمانيّا (١٢٧) ، لأنّ كلّ متحيّز منقسم ، وكلّ ما حلّ في المنقسم منقسم.
والجواب أن نقول : هذا بناء على نفي الجوهر الفرد ، ونحن فلا نسلّم نفيه (١٢٨). ثمّ لو سلّمنا لكان العلم عندنا من الامور الإضافيّة ، والأمور الإضافيّة يصحّ أن تكون مقولة على الجسم المركّب ، فلذلك القرب والبعد ، مقول على المتقاربين والمتباعدين ، وليس مقولا على أحدهما ، فما المانع أن يكون العلم كذلك ، فإنّه عندنا على التحقيق من الامور الإضافيّة ، وليس ذاتا قائما بالعالم ، ولا صورة مساوية للمعلوم في العالم ، ومع وضوح هذا
__________________
(١٢٦) أي بسيطا. كذا في هامش الأصل.
(١٢٧) الجسم هو العريض الطويل العميق ، والجسمانيّ هو الصورة الحالّة في الجسم والأعراض العارضة على الجسم. كذا قال بعض الأساتيد.
(١٢٨) احتجّ الأوائل بأن العلم بما لا ينقسم غير منقسم ، وكل جسم أو جسماني فهو منقسم ، فالمحلّ ليس أحدهما. ويعارضون بالنقطة والوحدة ، والاعتذار بأنّهما غير ساريين يأتي في العلم ، فإنّي لم أقف لهم على دليل بأن العلم من الأعراض السارية. أنوار الملكوت ص ١٥٠.