يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) (١٤٥)
واحتجّ المعتزلة بالمعقول والمنقول ، أمّا المعقول ، فقالوا إنّ الثواب يستحقّ دائما ، ويقارنه التعظيم والتبجيل ، والعقاب يستحقّ دائما ويقارنه الاستخفاف والإهانة ، فلو اجتمعا لزم استحقاق التعظيم والاستخفاف من وجه واحد وهو محال. ولتعذّر إيصال المستحقّ من الثواب والعقاب وهو أيضا باطل.
وأمّا المنقول فقوله تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (١٤٦) وقوله : (أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) (١٤٧) (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ) (١٤٨) (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)(١٤٩).
والجواب عن الأوّل : لا نسلّم أنّ العقاب يستحقّ دائما ، وإنّما يكون ذلك في الكافر ، والكفر لا يجامع الإيمان.
وقوله : «لو اجتمع الاستحقاقان لزم اجتماع التعظيم والاستخفاف» قلنا : سلّمنا ذلك لا بالنسبة إلى فعل واحد بل بالنسبة إلى فعلين ، فما الدليل على استحالة ذلك؟
ثمّ ما ذكروه منقوض بالمسلم إذا كان ابن كافر ، فإنّه يجب عليه شكره ، وهو يتضمّن التعظيم ، وذمّه على كفره.
__________________
(١٤٥) سورة آل عمران ، الآية : ١١٥.
(١٤٦) سورة هود ، الآية : ١١٤.
(١٤٧) سورة التوبة ، الآية : ٦٩.
(١٤٨) سورة الحجرات ، الآية : ٢.
(١٤٩) سورة الزمر ، الآية : ٦٥.