لا يقال : هذا خبر واحد ، فلا يجوز الاحتجاج به في مسألة علميّة ، سلّمنا ذلك ، لكن ثبوت الشفاعة مطلقا ليس بدالّ على إسقاط المضارّ فيمكن حمله على زيادة الدرجات بعد التوبة.
لأنّا نجيب عن الأوّل : بأنّ الخبر المذكور ، وإن كان غير متواتر (١٦٦) لكنّه متلقّى بالقبول ، إذ لا نعلم له منكرا إلّا معاندا (١٦٧) ، ومع ثبوت قبوله يخرج عن حكم الآحاد. ولأنّه نقل في معناه ما بانضمامه يصير معناه متواترا.
وعن الثاني : بأنّ ذلك عدول عن الظاهر ، فإنّ التائب لا يطلق عليه أنّه صاحب كبيرة.
احتجّ المخالف بآيات منها : قوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ)(١٦٨) وقوله تعالى : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) (١٦٩) وقوله : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (١٧٠).
والجواب من حيث الإجمال ، ومن حيث التفصيل.
أمّا الإجمال فلأنّه يلزم من الاحتجاج بالآيات المذكورة أحد أمرين : إمّا نفي الشفاعة أصلا ، أو نفي شفاعة مخصوصة ، والقسمان باطلان ، أمّا الأوّل ، فمنتف بالإجماع ، (١٧١) وأمّا الثاني ، فلأنّه يصير المراد بالآيات ما لم يعيّنه
__________________
(١٦٦) أي لفظا ، وأمّا تواتره المعنوي فثابت كما سيجيء.
(١٦٧) في الأصل : منكرا لا معاندا.
(١٦٨) سورة غافر ، الآية : ١٨.
(١٦٩) سورة البقرة ، الآية : ٤٨.
(١٧٠) سورة البقرة ، الآية : ٢٧٠.
(١٧١) يعني ولا يقول به المستدل نفسه.