إعادة الجسم ، لكنّي لا أعرف ذلك قولا لأحد من طوائف الملل ، عدا ما حكي عن شيخنا المفيد في قول شاذّ ، وعن بعض المعتزلة. (٢٠٠)
وهل تجب إعادة الشكل والأعراض التي كان المكلّف متّصفا بها أم يكفى إعادة أجزائه؟ الحقّ أنّه يجب ذلك ، لأنّ المكلّف لا يتميّز عن غيره بكونه جوهرا ولا جسما لمشاركة غيره في ذلك ، بل وبأعراضه المشخّصة له ، فلو فرض عدمها لاستحال إعادتها بما ذكرناه أوّلا ، فلزم من ذلك أن لا يخرج
__________________
ـ القائلون بإمكان اعادة المعدوم : إنّ الله يعدم المكلّفين ثمّ يعيدهم ، وقال القائلون بامتناعه : إنّ الله تعالى يفرّق أجزاء أبدانهم الأصليّة ، ثمّ يؤلّف بينها ويخلق فيها الحياة.
وأمّا الأنبياء المتقدّمون على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فالظاهر من كلام اممهم أنّ موسى ـ عليهالسلام ـ لم يذكر المعاد البدني ، ولا انزل عليه في التوراة ، لكن جاء ذلك في كتب الأنبياء الذين جاءوا بعده كحزقيل وشعيا ـ عليهمالسلام ـ ولذلك أقرّ اليهود به ، وأمّا في الإنجيل فقد ذكر : أن الأخيار يصيرون كالملائكة ، وتكون لهم الحياة الأبديّة والسعادة العظيمة. والأظهر أنّ المذكور فيه المعاد الروحانيّ.
وأمّا القرآن فقد جاء فيه كلاهما أمّا الروحاني ففي مثل قوله عزّ من قائل : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) و : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) و : (رِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) وأمّا الجسماني فقد جاء أكثر من أنّ يعدّ ، وأكثره ممّا لا يقبل التأويل ... نقد المحصّل ٣٩٣.
(٢٠٠) اختلف الناس في ماهية المكلّف فقال أكثر المعتزلة : انّه هذه البنية المخصوصة وهو اختيار السيّد المرتضى ، وذهب الشيخ أبو سهل بن نوبخت من أصحابنا ، والمفيد محمد بن نعمان ـ ره ـ إلى أنّه شيء مجرّد غير مشار إليه بالحسّ متعلّق بهذه البنية تعلّق العاشق بمعشوقه ، لا تعلّق الحالّ بمحلّ ، وهو مذهب محقّقي الأوائل ، واختاره معمر من المعتزلة. أنوار الملكوت ١٤٩.