وقوله تعالى : (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (٢١٣)
احتجّ أبو هاشم بأنّه لو كانت الجنّة موجودة لما جاز عدمها ، واللازم محال. بيان الملازمة : قوله تعالى : (أُكُلُها دائِمٌ) (٢١٤) وأمّا بطلان اللازم فقوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٢١٥)
والجواب : أنّ تنزيل الآية على حقيقتها غير ممكن ، لأنّ الأكل في الآية إشارة إلى المأكول ، وعينه غير دائمة ، فلا بد أن يكون ذلك إشارة إلى أنّ ابداله لا ينقطع ، وحينئذ يمكن العمل بالآية في أنّ الجنّة تهلك ثم تعاد ابدال مآكلها. والله أعلم. (٢١٦)
__________________
(٢١٣) سورة النجم ، الآية : ١٥.
(٢١٤) سورة الرعد ، الآية : ٣٥.
(٢١٥) سورة القصص ، الآية : ٨٨.
(٢١٦) قال الشريف الرضي ـ رحمهالله ـ : في ذكر الجنّة والنار هل هما مخلوقتان الآن أم تخلقان بعد فناء العباد؟ وقد اختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال : هما الآن مخلوقتان ، وقال بعضهم : إنّ الجنّة خاصّة مخلوقة ، والصحيح أنّهما تخلقان بعد. حقائق التأويل ٥ / ٢٤٥.
أقول : قال بعض العلماء في تعليقته على حقائق التأويل : ذهب الأشاعرة وأبو علي الجبّائي وبشر بن المعتمر وأبو الحسين البصري إلى أنّهما مخلوقتان ، وهو مذهب أكثر علماء الإماميّة ، وأنكر أكثر المعتزلة ذلك ، كعباد الضميري وضرار ابن عمرو وأبي هاشم والقاضي عبد الجبّار ، وإليه مال الشريف المرتضى. راجع تعليقة الشهيد السيّد محمد علي الطباطبائي على اللوامع في هذا الموضوع ص ٥١٤.