المرجوح غير مناف للإيهام ، فالإيهام متحقّق على هذا التقدير. (٣٥)
قوله : «متى يدلّ على التصديق إذا علم أنّه من فعل الله أم إذا جهل؟» قلنا : على كلّ واحد من التقديرين ، لأنّه بتقدير أن يكون من فعل الله يكون دالّا بالاتّفاق ، وبتقدير أن يكون من فعل غيره يجب في الحكمة على الله سبحانه إزالة ذلك رفعا للإيهام. والمثال الذي أشاروا إليه غير مطابق لموضع النزاع ، لأنّه يعلم أنّ الفاعل غير المدّعي وكالته ، فالإيهام مرتفع على ذلك التقدير.
قوله : «من المحتمل أن يكون ذلك المدّعي للنبوّة وقد اختصّ بما لأجله صحّ منه أن يفعل ذلك المعجز» قلنا : المقصود يحصل على هذه التقدير ، لأنّه لا يتيسّر ذلك الفعل منه إلّا مع اختصاصه من فعل الله بامور خارقة للعادة ، باعتبارها أمكنه الفعل ، وبتقدير أن لا يكشف الله ذلك يلزم الإيهام.
__________________
(٣٥) قال المحقق الطوسي : تجويز الشيء لا ينافي القطع بعدمه ، فإنّا نجوّز أن يخلق الله إنسانا شيخا في الحال من غير الوالدين ، وأن يقلّب الأنهار دما ، والجبال ذهبا. ثمّ إنّا مع هذا التجويز نقطع بأنّه لم يوجد ... وإذا ثبت هذا فنقول : إنّما علمنا أنّ المحدث لهذه المعجزة هو الله تعالى ، لما قدّمنا من أنّ جميع الممكنات واقعة بقدرة الله تعالى ، وإنّما قلنا إنّها دالّة على التصديق لما أنّا لمّا رأينا النبيّ ـ عليهالسلام ـ يقول : «يا إلهي إن كنت صادقا في دعوى الرسالة فسوّد وجه القمر مثلا» فلمّا قال النبيّ ـ عليهالسلام ـ ذلك اسودّ وجه القمر صرنا مضطرين إلى العلم بأنّه تعالى صدّقه في تلك الدعوى ... وتجويز سائر الأقسام بحسب العقل ممّا لا يقدح في هذا العلم الضروري ، لما ضربناه من المثال. نقد المحصّل ٣٦١.