من العلم بزوالها وإمّا أن لا يكون ، ويلزم من الأوّل الإيهام ، وهو محال على الحكم ، فتعيّن أنّه لو نسخها لعلم ما لم يكن عالما به ، ولا معنى للبداء إلّا ذلك ، وأمّا كون البداء (٤٤) محالا فلأنّه يلزم عدم علمه بالمعلومات قبل كونها ، لكن هذا باطل بما ذكرناه في أبواب التوحيد.
وأمّا النقل ، فمن سنّة موسى ـ عليهالسلام ـ قوله : «تمسّكوا بالسبت أبدا» (٤٥) و «ما دامت السماوات والأرض» ومثل معنى ذلك تنقل النصارى عن عيسى ـ عليهالسلام ـ.
والجواب عن الأوّل : قوله : «لو جاز النسخ لزم البداء» قلنا : لا نسلّم ، وظاهر أنّه لا يلزم. وهذا لأنّ البداء هو النهي عن ما أمر به ـ والوقت والمكلّف والوجه واحد ـ والنسخ هو إزالة مثل الحكم الشرعيّ بدليل شرعيّ متراخ عنه ، فتغاير الوقت يرفع البداء.
__________________
(٤٤) البداء الذي لازمه جهل البارئ تعالى محال كما ذكره قدس سرّه ، ولكن هو غير البداء الذي يكون من عقائد الإماميّة.
قال شيخنا المفيد رضوان الله عليه : قول الإماميّة في البداء طريقه السمع دون العقل ، وقد جاءت الأخبار به عن أئمّة الهدى ـ عليهمالسلام ـ. والأصل في البداء هو الظهور ... فالمعنى في قول الإماميّة : «بدا لله في كذا» أي ظهر له فيه ، ومعنى ظهر فيه أي ظهر منه ، وتقول العرب : قد بدا لفلان عمل حسن ، وبدا له كلام فصيح ، كما يقولون : بدا من فلان كذا ، فيجعلون اللام قائمة مقامه ، وليس المراد من البداء في قول الإماميّة تعقّب الرأي ووضوح أمر كان قد خفي عنه ... شرح عقائد الصدوق ص ٢٤ ـ ٢٥ مع تلخيص وتصرّف في العبارة.
(٤٥) قال العلّامة الشعراني ـ ره ـ : إنّي راجعت التوراة ففيها ذكرت لفظة السبت ثلاثة مرّات أو أربعة وليس فيها كلمة : أبدا.