العلم المخصوص ، وإذا كان العلم حاصلا لهم كانوا عالمين بأنّ المعارضة مصلحة لهم ، فكان الداعي ثابتا. وإن اريد به المنع من المعارضة مع القدرة والعلم وتوفّر الداعي كان ذلك اشارة إلى ما لا يعقل وجهه وهو باطل.
ولقائل أن يقول : لم لا يجوز أن تكون الصرفة بمعنى إزالة العلوم المعتبرة في الإتيان بمثل القرآن؟ (٩٩)
قوله : «يلزم من ذلك خروجهم عن العقل ، إذ العقل عبارة عن علوم مخصوصة» قلنا : ليس كلّ علم داخلا في حقيقة العقل ، فإنّ العلم بالصناعات خارج عن ذلك ، وكذلك ما نحن فيه ، فلم لا يجوز أن يكون عندهم من العلوم ما يكفي في الاتيان بمثل القرآن ، فعند التحدّي سلب الله ذلك عن جميعهم ، فكان ذلك جهة الإعجاز. والله أعلم. (١٠٠)
__________________
(٩٩) إن قيل : بيّنوا كيفيّة مذهبكم في الصرفة. قلنا : الذي نذهب إليه أنّ الله تعالى صرف العرب عن أن يأتوا من الكلام بما يساوي أو يضاهي القرآن في فصاحته وطريقته ونظمه ، بأن سلب كل من رام المعارضة العلوم التي يتأتّى ذلك بها ... الذخيرة ٣٨٠.
(١٠٠) في نقد المحصّل ص ٣٥١ : إعجاز القرآن على قول قدماء المتكلّمين وبعض المحدّثين في فصاحته ، وعلى قول بعض المتأخّرين في صرف عقول الفصحاء القادرين على المعارضة عن إيراد المعارضة. قالوا : كلّ أهل صناعة اختلفوا في تجويد تلك الصناعة ، فلا محالة يكون فيهم واحد لا يبلغ غيره شأوه ، وعجز الباقون عن معارضته ، ولا يكون ذلك معجزا له ، لأنّ ذلك لا يكون خرقا للعادة ، لكن صرف عقول أقرانه القادرين على معارضته عن معارضته يكون خرقا للعادة ، فذلك هو المعجز.
وراجع إرشاد الطالبين للمقداد ـ ره ـ ص ٣٠٨ ـ ٣١١.