سلامته من الاختلاف. (٩٥) واختار المرتضى الصرفة. وذكر أنّ العرب قادرة على مثل فصاحته واسلوبه ، غير أنّ الله تعالى صرفهم عن ذلك. ولعلّ هذا الوجه أشبه بالصواب. (٩٦)
واحتجّ بعض المعتزلة (٩٧) على بطلان القول بالصرفة بأنّه لا وجه يعقل تفسير الصرفة به ، لأنّه إن اريد بها سلب القدرة ، لزم تعذّر النطق بالحروف عليهم ، لأنّ القدرة يتعلّق بجنس الفعل ، ولو لم يقدروا على حروف القرآن لما قدروا على مثلها. وإن اريد بها سلب العلوم ، لزم خروجهم عن العقل ، إذ هو عبارة عن العلوم المخصوصة. وإن اريد به سلب الدواعي ، لزم أن يكون الداعي أمرا (٩٨) زائدا على العلم المخصوص وإذا كان العلم بكون الشيء مصلحة ، لكن قد عرفت أنّ الداعي ليس أمرا زائدا على
__________________
(٩٥) قال الله تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) سورة النساء ، الآية : ٨٢.
(٩٦) قال في الذخيرة : وقد حكي عن أبي إسحاق النظّام القول بالصرفة من غير تحقيق لكيفيتها وكلام في نصرتها وإلى هذا الوجه أذهب وله نصرت في كتابي المعروف بالموضح عن جهة إعجاز القرآن. ص ٣٧٨.
ومن الذاهبين إلى القول بالصرفة الشيخ المفيد في أوائل المقالات ص ٣١ ونسب إليه القول بالفصاحة أيضا فراجع ومن الذاهبين إلى القول بالصرفة أيضا أبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف ١٠٧ وقال نصير الدين الطوسي في التجريد : واعجاز القرآن قيل لفصاحته ، وقيل لاسلوبه وفصاحته معا ، وقيل للصرفة ، والكلّ محتمل. راجع كشف المراد ٢٠٠.
(٩٧) القائلون بالصرفة من المعتزلة : النظّام ، وأبو إسحاق النصيبي (النصيبيني) وعباد ابن سليمان الضميري وهشام بن عمر الفوطي ، ولكن جمهورهم خالف فيه.
(٩٨) في الأصل : ليس أمرا زائدا ، والظاهر زيادة كلمة «ليس».