الشرعيّات لكانت الإمامة لطفا في العقليّات.
قوله في المعارضة الثالثة : «لو كان نصب الإمامة واجبا على الله تعالى لعلم ذلك الصحابة أو معظمهم» قلنا : لا نسلّم ، وهذا لأنّ العلم بذلك نظريّ لا ضروريّ ، والامور النظريّة قد تذهب على كثير. نعم لا يذهب ذلك على كلّ الصحابة بل نقول : إنّ فيهم جماعة عرفوا ذلك.
قوله : «لو عرف ذلك الصحابة لما عوّلوا على التعيين على إمام» قلنا : ليس كلّهم فعل ذلك ، وجماعة أنكروا ذلك ، وشهدوا أنّ عليّا ـ عليهالسلام ـ هو الإمام دون غيره ، وأنشدوا في ذلك الأشعار. (١٣)
قوله : «لو عرفوا ذلك لفحصوا عن ذلك الإمام» قلنا : لا نسلّم ، وهذا لأنّ الصحابة بين عارف بوجوب الإمامة عقلا مقرّ بعين الإمام ، وبين عارف منكر (١٤) ، وبين شاكّ ، فالعارف بوجوب الإمامة وعين الإمام لا يفحص ، والفريقان الآخران لا يفحصان ، هذا لعلمه ، وذلك لجهله.
قوله : «لو عرف ذلك بعض لاعترض على الآخرين» قلنا : قد وقع ذلك.
كما روي أنّ سعد بن عويمر بن ساعدة قال : إنّ الخلافة لا تكون إلّا في أهل بيت النبوّة فاجعلوها حيث جعلها الله. (١٥)
__________________
(١٣) سيأتي في كلام المؤلف أشعار عدّة من الشعراء كالنابغة وعتبة بن أبي لهب وعليّ ابن جنادة وغيرهم ، فانتظر.
(١٤) كالذي قال يوم الغدير : بخّ بخّ لك يا عليّ أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. فهو أعرف الناس بإمامة عليّ ـ عليهالسلام ـ ، ومع ذلك هو رئيس المنكرين.
(١٥) عويم أو عويمر بن ساعدة الأوسي أحد أعوان أبي بكر وعمر في السقيفة كما بيّنة شيخنا التستري ـ دامت إفاداته ـ في قاموس الرجال ٧ / ٢٥٢. وابنه سهل ـ قائل هذا الكلام ـ لم أجده عاجلا في كتب الرجال فيحتاج إلى تتبّع وتفحّص أكثر.