هجنة (٤) التطويل ؛ ويرتفع عن لكنة (٥) التقليل ، يكون مدخلا إلى مطوّل كتبهم ، وموصلا إلى تحصيل مذاهبهم ، فاقتصرت منها على المهمّ ، امتثالا لسؤال من سأل ، متوكّلا على الله ، مستمدّا منه المعونة والتوفيق.
والغرض بهذا العلم إنّما هو التوصّل إلى السعادة الاخرويّة بسلوك طريق الحقّ.
وتحصيل هذا الغرض يقف على بيان إثبات الصانع ، وما يصحّ أن يوصف به من الصفات الاثباتيّة والسلبيّة ، والنظر في أفعاله سبحانه وتعالى ، والنظر في النبوّات والإمامة ، (٦) فإنّ من عرف هذه الأمور بالأدلّة أمن من الزلل في كلّ مقام منها ، وأمكنه أن يرشد إليها من ضلّ عنها ، وكان آمنا في معاده ، واثقا بصحّة ما أخبرت به الرسل ، إذ العلم بصدق الرسل يتوقّف على ثبوت الحكمة الإلهيّة ، المتوقّفة على ثبوت الغنى الذاتي ، المتوقّف على وجوب الوجود وإحاطة العلم ، المتوقّف على وجوب ثبوت الذات الإلهيّة. وأنت متحقّق أنّ العلم بالفرع متوقّف على العلم بالأصل. ثمّ العلم بإثبات الصانع إنّما يتوصّل إليه بأفعاله ، فما كان متفرّدا بالاقتدار عليه كان هو
__________________
(٤) الهجنة ـ بالضمّ ـ في الكلام : ما يلزمك منه العيب ، تقول : لا تفعل كذا فيكون عليك هجنة. كذا في لسان العرب. وفي بعض كتب اللغة : الهجنة من الكلام : العيب والقبح أو ما يعيبه.
(٥) أي قصور العبارات عن أداء المراد للاختصار المفرط. واللكنة : عجمة في اللسان وعيّ.
(٦) لا يخفى أنّ المؤلف أدرج بحث المعاد في بحث أفعاله تعالى ولذا لم يذكره هنا على حدة.