للمدوح والمذموم ، فلو استدلّ بالمدح والذمّ على كونه فعلا له لزم الدور.
لأنّا نقول : سبق الذهن على المدح والذمّ دليل على العلم الضروريّ بكونه فعلا له ، فلو كان هناك تردّد لما حصل الجزم بالمدح والذمّ من غير توقّف.
الوجه الثالث : لو كانت أفعال المكلّف من فعل الله تعالى فيه ، لم يكن لإرسال الرسل ولا للترغيب القرآني ولا للعظات فائدة. وبيان ذلك : أنّ بتقدير أن يكون الله تعالى فاعلا للايمان والكفر لم يكن لهذه الأشياء أثر في وقوع التكليف.
لا يقال : لم لا يجوز أن يجري الله تعالى العادة بفعل هذه الأفعال في العبد عند إرسال الرسل وسماع العظات.
لأنّا نقول : قد كان يمكن فعل الإيمان في العبد من دون ذلك ، فتوقّفه عليه عبث ، والعبث قبيح بالضرورة.
احتجّ المخالف بوجوه أقواها : لو كان العبد فاعلا لتصرّفاته لزم الترجيح من غير مرجّح ، لكن ذلك محال. بيان الملازمة أنّ بتقدير كونه قادرا يكون نسبته إلى الفعل والترك واحدة ، فإن فعل والحال هذه حصل الترجيح من غير مرجّح ، وإن لم يفعل إلّا بزيادة تقتضي الترجيح من داع أو إرادة ، فعند ذلك ، إمّا أن يجب الفعل ، أو يصير أولى ، أو يبقى على ما كان عليه ، ويلزم من الأوّل الجبر ، ومن الثاني إمّا الجبر بتقدير أن يجب ما هو أولى ، أو تجويز وقوع المرجوح حال كونه مرجوحا بتقدير أن لا يجب وقوع الراجح ، ومن الثالث حصول أحد الجائزين من غير مرجّح ، وهو محال.