أنّا نعلم اضطرارا أنّ من كلّف الأعمى نقط (٨٤) المصاحف ، أو الزمن العدو ، مستحقّ للّوم ، مستوجب للذمّ ضرورة ، ولا معنى للقبح العقلي إلّا ذلك.
الوجه الثاني : لو كان القبح والحسن مستفادين من الشرع لوقف العلم بهما على الشرع ، لكن ذلك باطل. أمّا الملازمة فظاهرة ، وأمّا بطلان اللازم فبوجوه : الأوّل : أنّا نفرض أنفسنا خالية عن الشرائع فنرى العقول شاهدة بذلك. الثاني : أنّا نعلم الفرق بين قبح الظلم وقبح الزنا ، فلو كان مستفادا من الشرع لتساوي الأمران. الثالث : منكر الشرع يحكم بالحسن والقبح العقلي كالبراهمة (٨٥) ، ولو كان موقوفا على الشرع لما حصل ذلك الحكم.
الاستدلال الثالث :
لو كان ذلك مستفادا من الشرع لوجب أن لا يحصل العلم به أصلا. بيان الملازمة أنّ العلم بصحّة الشرع موقوف على العلم بالحسن والقبح الشرعي ، فلا يحصل العلم بالشرع من دونه ، فلو استدلّ عليه بالشرع لوقف كلّ واحد منهما على صاحبه. وبيان أنّ العلم بالحسن والقبح أصل الشرع ،
__________________
(٨٤) نقط الحرف نقطا : أعجمه وجعل له نقطا.
(٨٥) قال الشهرستاني في الملل والنحل ٣ / ٩٥ : إنّ الهند امة كبيرة وملّة عظيمة وآراؤهم مختلفة ، فمنهم البراهمة ، وهم المنكرون للنبوّات أصلا ... ومن الناس من يظنّ أنّهم سمّوا براهمة لانتسابهم إلى إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وذلك خطأ ، فإنّ هؤلاء هم المخصوصون بنفي النبوّات أصلا ورأسا ، فكيف يقولون بإبراهيم ـ عليهالسلام ـ؟ ... وهؤلاء البراهمة إنّما انتسبوا إلى رجل منهم يقال له براهم [برهم ظ] وقد مهّد لهم نفي النبوّات أصلا ، وقرّر استحالة ذلك في العقول بوجوه ... ثمّ إنّ البراهمة تفرّقوا أصنافا ... وراجع توضيح المراد للطهراني ص ٦٣٨.