ويروح على سكر ، وأنشد من خمرياته قوله :
ما زلت آخذ روح الزّقّ في لطف |
|
وأستبيح دما من غير مذبوح |
حتّى انثنيت ولي روحان في جسدي (١) |
|
والزّقّ مطروح (٢) جسم بلا روح |
/ ومن كانت هذه بدعه كفاه بها خزيا.
ذكر الاسوارية منهم
كان علي الاسواري (٣) من اتباع ابي الهذيل على ضلالته ، ثم انتقل الى بدعة النظام وزاد عليه بدعة عظيمة ، وهي قوله ان الله تعالى لا يقدر ان يفعل ما علم انه لا يفعله. والسبب في ذلك انه قال يوما للنظام : هل يقدر الله تعالى على فعل الظلم والكذب؟ ـ فقال : لو كان قادرا عليهما (بذر) (٤) لعله قد ظلم او كذب فيما مضى ، او لعله يجوز أو يكذب في المستقبل ، ولم يكن لنا من جوره وكذبه امان الا من جهة حسن الظن به. واما دليل نومن منه ، فلا ، لان الدليل لا يخرجه من قدرته عليه (٥) ، ومتى قدر عليه صح ان يفعله. فقال له الاسواري : يلزمك على هذا الاصل ان لا يقدر على ان يفعل ما / علم او خبر بانه لا يفعله ، وان كان ذلك من حسن ما قد فعله في الصلاح ، وان اجزت قدرته على ذلك فما يؤمنك من فعله؟ فقال له النظام : هذا لازم من قولك فيه. فقال : انا اسوي بينهما فاقول انما لا يقدر على الجور والكذب ولا على ان يفعل ما علم انه لا يفعله. فاكفره النظام وابو الهذيل في ذلك ، واكفرهما.
__________________
(١) بدن («الفرق» ط. بدر ص ١٣٦ ، الكوثري ص ٩١ ، عبد الحميد ص ١٥٠).
(٢) مطّرح ، (في «الفرق» ـ ذات المراجع).
(٣) جاء في هامش ٢ لصفحة ١٥١ من طبعة عبد الحميد : «علي الاسواري كان من اصحاب ابي الهذيل واعلمهم ، ثم انتقل الى النظام ، وروى انه صعد بغداد لفاقة لحقته ، فلقي النظام ، فسأله : ما جاء بك؟ فقال : الحاجة. فأعطاه الف دينار وقال له : ارجع من ساعتك. فيقال ان النظام خاف ان يراه الناس فيفضلوه عليه (طبقات المعتزلة ص ٧٢).
(٤) هكذا في المخطوط. ويمكن حذف هذه الكلمة دون التأثير على المعنى.
(٥) عليه : الجور او الكذب. والاصح : عليهما.