ذكر البشرية منهم
هؤلاء اتباع بشر بن المعتمر (١). وقد كفره سائر المعتزلة / بامور ، واكفره اصحابنا بامور سواها. فما اكفرته المعتزلة في قوله بان الله تعالى قادر على لطف لو فعله بالكافر لآمن طوعا. واكفروه بقوله ان الله لو خلق العقلاء ابتداء في الجنة والنعيم وتفضّل بذلك عليهم لكان ذلك اصلح لهم. واكفروه في قوله ان الله لو علم من عبده انه لو ابقاه لآمن ، لكان ابقاؤه اياه اصلح له من ان يميته كافرا. واكفروه في قوله ان الله لم يزل مريدا ، وفي قوله ان الله اذا علم حدوث الشيء ولم يمنع منه ، فهو مريد لحدوثه.
وهذه المسائل الخمس التي اكفره فيها البصريون فان الحق فيها عندنا مع بشر ، والمكفر فيها له فهو الكافر دونه (٢).
ونحن نكفر بشرا في امور منها قوله ان الله تعالى ما اولى مؤمنا في حال ايمانه ولا عادى كافرا في حال كفره. وهذا خلاف / قول الجميع ، لأن اصحابنا قالوا ان الله تعالى لم يزل مواليا لمن علم انه يكون عند وجوده وليا له ، ومعاديا لمن علم انه اذا خلقه وأماته يموت كافرا. واما اسلاف المعتزلة فانهم قالوا ان الله لا يولي احدا قبل وجود معصيته ، وانما يكون مواليا للعبد في حال وجود الطاعة ،
__________________
(١) هو ابو سهل ، بشر بن المعتمر ، الهلالي ، من اهل بغداد ، وقيل : بل من أهل الكوفة. ولعله كان كوفيا ثم انتقل الى بغداد ، وهو رئيس معتزلة بغداذ ـ وله قصيدة اربعون الف بيت ردّ فيها على جميع المخالفين ـ وقيل للرشيد انه رافضي فحبسه ، فقال في الحبس شعرا (من الرجز) :
لسنا من الرافضة الغلاة |
|
ولا من المرجئة الحفاة |
لا مفرطين بل نرى الصّديقا |
|
مقدّما والمرتضى الفاروقا |
نبرأ من عمرو ومن معاوية. |
|
|
الى آخر ما ذكره ، فلما بلغت الرشيد افرج عنه (طبقات المعتزلة ، تحقيق سوسنة ديفلد ـ فلزر ، ص ٥٢ ـ ٥٤).
(٢) الكلام الى هنا مطابق لما جاء في كتاب «الفرق» (انظر كتاب «الفرق» ط. بدر ص ١٤١ ـ ١٤٢ ، ط. الكوثري ص ٩٥ ، ط. عبد الحميد ص ١٥٦).