ذكر الضلال من الكرّامية (١)
اعلموا ان الكرامية بخراسان ثلاث فرق يقال لها الحقاقية (٢) والاسحاقية والطرائقية ، لكنها على اختلافها لا تكفر بعضها بعضا ، ويكفرها مخالفوها. فلذلك عددناها فرقة واحدة (٣).
فمن فضائحهم في باب التوحيد ، قولهم ان الله جسم ، له حد ونهاية من جهة السفل ، وجائز عليه ملاقاة الاجساد التي تحته. فشاركوا / المشبهة في التجسيم ، وشاركوا الثنوية في التحديد من جهة واحدة ، لان الثنوية زعمت ان النور له نهاية من جهة السفل ، ولا نهاية له من خمس جهات.
وقال زعيمهم ابن كرّام في خطبة كتابه المعروف «بعذاب القبر» : «ان الله تعالى أحديّ الذات ، احديّ الجوهر» ، فسماه جوهرا ، كما سمته النصارى جوهرا (٤). وامتنع اصحابه في معنى الاستواء على العرش ، فمنهم من زعم ان كل العرش مكان له ولو خلق بإزاء العرش. فمنهم من زعم ان كل العرش مكان ،
__________________
(١) نسبة الى ابي عبد الله ، محمد بن كرام السجستاني ، الزاهد ، شيخ الطائفة الكرامية ، وكان من عباد المرجئة (العبر ١ / ١٠) ويختلف العلماء في ضبط كرام ، والاكثرون على انه بفتح الكاف وتشديد الراء (انظر اللباب ٣ / ٣٢ ـ لسان الميزان ٥ / ٣٥٣ والقاموس المحيط).
توفي ابن كرّام سنة ٢٥٦ ه وتعاليمه مجسمة اي ان لله جسما واعضاء وهو يتحرك ويجلس ، واتخذ ابن كرّام بعض آيات القرآن في وصف الله بمعناها الحرفي ، فهو غالى في الصفات ، ويمثل حركة رد فعل ضد المعتزلة ... ومن اتباعه محمود الغزنوي ٣٨٨ ـ ٤٢١ ه غازي الهند وصديق البيروني والفردوسي وابن سينا. وكان لم يزل لكرامية في ايام المقدسي (٩٨٥) خوانق ومجالس ببيت المقدس على ما ذكر في «احسن التقاسيم» ص ١٧٩ (انظر هامش ص ١٣١) «مختصر الفرق» للرسعني.
(٢) جاء في كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١٣٠ ، ط. عبد الحميد ص ٢١٥ ط. بدر ص ٢٠٣) : حقائقية.
(٣) الى هنا الكلام متفق مع ما جاء في كتاب «الفرق» انظر «الفرق» ط. بدر ص ٢٠٢ ، الكوثري ص ١٣٠ ، عبد الحميد ص ٢١٥) ولكن جاء بعد ذلك في كتاب «الفرق» إيضاح عن زعيم الكرامية محمد بن كرّام وعن نشر دعوتهم.
(٤) هذا التوضيح غير وارد في كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ٢٠٣ ، الكوثري ص ١٣١ ، عبد الحميد ص ٢١٦).