والكلب وكل حيوان بمثل هذه الصفات. فزعم أن كل حيوان غير جسده الذي هو مدبر له ، وكل حيوان عالم قادر مختار ، غير متحرك ولا ساكن ، ولا ذي لون ، ولا ذي وزن ، فوصف كل ما دب ودرج / بصفات معبوده ، ونفى عنه ما ينفيه عن معبوده (١).
ومن فضائحه امتناعه من القول بان الله عالم بنفسه ، فقال : من شرط المعلوم ان يكون غير العالم به. ومنع أيضا من تسمية الاله قديما مع وصفه اياه بانه ازلي. وهذا كمنع من منع من تسميته باقيا مع وصفه اياه بانه دائم الوجود. ـ وحكى الكعبي عنه في «مقالاته» ان الاعراض كلها فعل الجسم بطبعه الا الإرادة فانها فعل الانسان. فاذا زعم ان الانسان لا فعل له الا الإرادة ، لزمه ان لا يكون الانسان مصليا ولا صائما ولا حاجا ، ولا زانيا ، ولا سارقا ، لانه لم يفعل صلاة ولا صياما ولا حجا ولا زنا ولا سرقة. فلتفتخر المعتزلة بهذا الشيخ فانه لائق لهم (٢).
ذكر الثمامية منهم
هؤلاء اتباع ثمامة بن اشرس النميري (٣). وحكى ابن قتيبة عنه في / كتاب «مختلف الحديث» انه رأى قوما يتعادون يوم الجمعة الى المسجد الجامع ، فقال لبعض اتباعه : «انظر الى الحمير والبقر». ثم قال : «ما ذا صنع ذلك العربيّ بالناس!» يعني رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ـ وذكر الجاحظ ان المأمون رآه يوما في الطريق سكران فقال : «يا ثمامة». قال : «اي والله». قال : «ألا تستحي؟». قال : «لا والله». قال : «عليك لعنة الله». قال : «تترى ثم تترى».
وحكى الجاحظ ان غلامه قال له ليلة (٤) : قم صلّ. فتغافل. فقال له :
__________________
(١) الكلام هنا من «ثم انه وصف الحمار والكلب ... عن معبوده» غير وارد في كتاب «الفرق» (انظر بدر ص ١٤١. الكوثري ص ٩٤ ، عبد الحميد ص ١٥٥).
(٢) الكلام هنا من «ومن فضائحه ... لائق لهم» ورد جزء منه في كتاب «الفرق» ؛ في الفضيحة الثالثة وهو الخاص بان الاعراض كلها فعل الجسم بطبعه الا الإرادة ، اما باقي الكلام فانه زائد هنا (انظر الفرق ط. بدر ص ١٣٨ ، الكوثري ص ٩٣ ، عبد الحميد ص ١٥٣).
(٣) هو ثمامة بن الاشرس ، ويكنى أبا معن النميري ـ ذكره ابن المرتضى في رجال الطبقة السابعة (طبقات المعتزلة ص ٦٢).
(٤) جاء في الفرق ط. بدر ص ١٥٨ ط. الكوثري ص ١٠٤ ، عبد الحميد ص ١٧٤) «وذكر الجاحظ أيضا ان غلام ثمامة قال يوما لثمامة» : وهذا اوضح مما جاء في المخطوط هنا.