ذكر فرق الضلالة من الجهمية
هؤلاء اتباع جهم بن صفوان (١) الترمذي الذي قال بالاجبار والاضطرار الى الاعمال ، ونفي الاستطاعات كلها. وكان يظهر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويخرج بالسلاح على السلطان. وقتل بمرو ، وقتله سلم بن احوز (٢) المازني من مازن تميم في آخر ايام بني مروان.
واكثر اتباعه بترمذ (٣) ونواحيها.
ومن بدعة قوله بان الجنة والنار تفنيان. وزعم ان الايمان هو المعرفة بالله تعالى فقط ، وان الكفر هو الجهل به فقط. ـ وزعم ان الناس انما يضاف إليهم الافعال على المجاز ، كما يقول تحركت الشجرة ، ودارت الرحا ، وزالت / الشمس ، من غير ان يكون لهذه الاشياء استطاعة على الفعل المضاف إليها. ـ وزعم أيضا ان علم الله محدث. وقال : لا اقول ان الله شيء ، ولا انه لا شيء ، ولا اقول انه موجود ، حي ، ولكني اقول انه موجود محيي. ـ وقال : لا اصفه بصفة يجوز وصف غيره بها ، ووصفه بانه فاعل ، خالق ، لان هذين الوصفين خاصان بالله عزوجل عنده. فاكفره اصحابنا في نفيه الصفات الازلية ، وقوله تفنى الجنة والنار. واكفرته المعتزلة في نفي الاستطاعة ، وخلق الله تعالى اعمال العباد.
__________________
(١) جهم بن صفوان ، هو ابو محرز جهم بن صفوان الراسبي. قال عنه الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (رقم ١٥٨٤) «الضال المبتدع ، رأس الجهمية ، هلك في زمان صغار التابعين ، وما علمته روى شيئا ، ولكنه زرع شرا عظيما» وقال الطبري عنه : انه كان كاتبا للحارث بن سريج الذي خرج من خراسان في آخر دولة بني أمية. (انظر حوادث سنة ١٢٨) وكان جهم هذا تلميذا للجعد بن درهم الزنديق الذي كان اوّل من ابتدع القول بخلق القرآن. وفيه يقول الذهبي في «ميزان الاعتدال» (رقم ١٤٨٢) : الجعد بن درهم عداده في التابعين ، مبتدع ضال ، زعم ان الله لم يتخذ ابراهيم خليلا ، ولم يكلم موسى تكليما ، فقتل على ذلك بالعراق يوم النحر».
(٢) جاء في المخطوط : ابن أخو ؛ وهذا خطأ ـ وهو سلم بن أحوز ، كان قائدا من قواد نصر بن سيار في خراسان في أواخر بني مروان (انظر «مقالات الاسلاميين» ١ : ١٣١ والتبصير في الدين ص ١٨ ، ٦٤).
(٣) جاء في كتاب «الفرق» : واتباعه اليوم بنهاوند (ط. الكوثري ص ١٢٨ ، عبد الحميد ص ٢١٢ ط. بدر ص ٢٠٠).