ذكر الهذيل العلاف (١)
التائه من جهالته في ضلالته.
ومن فضائحه قوله : تفنى مقدرات الله عزوجل ، وانه لمقدورات الله تعالى (حدا) (٢) لا يكون بعد انتهائها قادرا على احداث شيء ، ولا على احياء ميت ، ولا على إماتة حي ، ولا على تحريك ساكن ، ولا على شيء بوجه. وزعم ان اهل الجنة واهل النار ، في حال فناء مقدورات الله تعالى ، يبقون جمودا ، لا يقدرون على شيء ، من صحة عقولهم. ـ وشنع المردار عليه في هذه المسألة بان قال : يلزمه ، اذا كان ولي الله تعالى في الجنة يتناول باحدى يديه الكاس من بعض ازواجه ، ويتناول باليد الأخرى بعض التحف ، / ثم حضر وقت السكون الدائم ، الذي هو آخر مقدورات الله تعالى عنده ، ان يبقى بعد تلك الحال على هيئة المصلوب ابدا. ـ وقد اعتذر ابو الحسن الخياط لابي الهذيل في هذا (الباب) (٣) بان قال : ان الله ، عند انتهاء مقدوراته ، يجمع في اهل الجنة اللذات كلها : لذة الجماع ، ولذة الاكل ، ولذة الشرب ، وساير اللذات (٤) ، فيبقون
__________________
(١) نسب ابي الهذيل اوضح في كتاب الفرق (ط. بدر ص ١٠٢ ، الكوثري ص ٧٣ ، عبد الحميد ص ١٢١ ، ١٢٢ ، مختصر الفرق ص ١٥١) وقد جاء في «الفرق» : هؤلاء اتباع ابي الهذيل محمد بن الهذيل المعروف بالعلاف. كان مولى لعبد القيس ، وقد جرى على منهاج ابناء السبايا لظهور أكثر البدع منهم. وفي هامش ٢ لصفحة ١٢١ من ط. عبد الحميد : «هو ابو الهذيل محمد بن الهذيل بن عبد الله ، البصري ، العلاف ، شيخ المعتزلة ومقدمهم ومقرر طريقتهم والمناظر عليها ، والذاب عنها. اخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل ابن عطاء ؛ ثم يقال ان واصلا اخذه عن ابي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية. ويقال : بل اخذه عن الحسن البصري ، وقد اختلف في وفاته ، فقيل توفي في سنة ٢٢٦ وقيل في سنة ٢٣٥ ه وقيل في سنة ٢٣٧ («العبر» ١ / ٤٢٢ و «شذرات الذهب» ٢ : ٨٥ وابن خلكان الترجمة رقم ٥٧٨ و «طبقات المعتزلة» ص ٤٤) وانما قيل له العلاف لان داره بالبصرة كانت في العلافين».
(٢) ليلا : في المخطوط والاصح : حدا.
(٣) يضاف : الباب ، لتوضيح المعنى.
(٤) تفاصيل كل هذه اللذات المذكورة هنا غير واردة في «الفرق» (بدر ص ١٠٣ ، الكوثري ص ٧٤ ، عبد الحميد ص ١٢٣) حيث جاء : «يجمع في أهل الجنة اللذات كلها ، فيبقون على ذلك في سكون دائم».