صاحب كتاب «اختلاف العلماء في اصول الدين وفروعه» ، فاثبت الله قدمه ورفع علمه ورزقه من الاتباع ما لم يرزق احدا من المسلمين مثله (١). ودار بينه وبين الجبائي مسائل تعرف بالحصينات (٢) ، بيّن بها ضلالات الجبائي بتسمية الاله مطيعا للعبد اذا فعل مراد عبده ، والتزم في ذلك قياسه في قوله ان الطاعة موافقة الإرادة. وسماه أيضا محبلا للنساء لخلق الحبل فيهن ، وهذه البدعة توقع الناس / باحبال مريم وحدها. فتعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
ومن ضلالاته أيضا ان كلام الله عزوجل عرض يوجد في امكنة كثيرة وفي مكان بعد مكان ، من غير ان يعدم عن مكانه الاول ، ثم يحدث في الثاني (٣).
ذكر البهشمية منهم
هؤلاء اتباع ابي هاشم الجبائي (٤) ، واكثر معتزلة عصرنا على ضلالته ، لدعوة ابن عباد (٥) إليها في ايام وزارته لآل بويه. وقد شارك ابو هاشم القدرية في معظم
__________________
(١) الكلام ابتداء من «ثم ان أبا الحسن ... الى من المسلمين مثله» غير وارد في كتاب «الفرق بين الفرق» (راجع ط. الكوثري ص ١١٠ ، عبد الحميد ص ١٨٣ ، ط. بدر ص ١٦٧ ومختصر الفرق ص ١٢١).
(٢) لم يرد هذا اللفظ في كتاب «الفرق» (ذات المراجع المذكورة في رقم ١).
(٣) ذكر ضلالات الجبائي جاء هنا مختصرا ، ولكن البغدادي توسع في هذه البدع في كتاب «الفرق» (المصادر المذكورة في رقم ١).
(٤) هو ابو هاشم ، عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي ، قدم ابن المرتضى ذكره على جميع رجال الطبقة التاسعة من طبقات المعتزلة مع تأخره عنهم في السن لتقدمه في العلم ، وحكى عنه انه لم يبلغ غيره مبلغه في علم الكلام ، وكان من شدة حرصه يسأل اباه أبا علي حتى يتأذى به ، وكان يسأله طول نهاره ما قدر ، فاذا كان في الليل سبق الى موضع مبيت ابيه لئلا يغلق دونه الباب. فاذا استلقى ابو علي على سريره وقف ابو هاشم بين يديه يسأله حتى يضجره ، فيحول وجهه عنه ، فيتحول الى جهة وجهه ، فلا يزال كذلك حتى ينام ؛ وربما سبق ابو علي فأغلق على نفسه الباب دونه. وقد خالف ابو هاشم اباه في جملة من المسائل ، كان خالف ابوه استاذه أبا الهذيل في مسائل. ومات أبو هاشم بن الجبائي ببغداد في شهر شعبان من سنة ٣٢١ ه (طبقات المعتزلة ص ٩٤ ـ ٩٦ ـ وكتاب العبر ٢ / ١٨٧).
(٥) هو ابو القاسم اسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد بن احمد بن ادريس الطالقاني ،