وصار ترابا ففيه المعنى الذي كان به انسانا. واخذوا من بدع جعد بن درهم قوله بان النظر اوجب المعرفة ، فهي فعل لا فاعل له. ثم قاس بعضهم خالق الولد. واخذوا من زعيم لهم يعرف بعمر بن حماد قوله بانه يجوز ان يقدر الله تعالى على فعل البداء.
ـ واخذوا من الاسكافي قوله بانه لا يجوز ان يقال ان الله تعالى خلق الطنابير والمعازف ، وان كان هو الخالق لاجسامها. ثم زادوا من حماريتهم على هذا ان قالوا ليس الخمر من خلق الله ، وانما هي من اختراع الخمّار ، لان الله تعالى لا يفعل ما يكون يسبب المعصية.
وزعم قوم منهم ان الانسان / قد يخلق انواعا من الحيوانات ، كمن يطبق الآجر على التبن والسرقين فيظهر تحتها العقارب ، او يدفن اللحم في موضع حار فيتدوّد. ويزعمون ان الانسان هو الخالق لتلك العقارب والديدان.
واخذوا عن الصالحي منهم قولهم بأنه يجوز أن يقدر الله عزوجل الانسان على ان يفعل الحياة والقدرة. ـ فصار للحمارية في كل بدعة شرعة ، كمن له في كل سواد نخلة وفي كل قطيع سخلة (١).
ذكر المعمرية منهم
هؤلاء اتباع معمر بن عباد السلمي (٢) الذي حوى انواعا من البدع ، منها :
قوله ان الله تعالى ما خلق لونا ، ولا طعما ، ولا رائحة ، ولا حركة ولا سكونا ، ولا حرارة ولا برودة ، ولا رطوبة ولا يبوسة ، ولا حياة ولا موتا ، ولا سمعا ، ولا
__________________
(١) ما جاء هنا عن هذه الفرق يتفق مع ما ذكره البغدادي في كتاب «الفرق» (انظر المراجع المذكورة في رقم ١ من الصفحة السابقة).
(٢) هو ابو عمرو ؛ معمر بن عباد السلمي. قال ابن المرتضى : كان عالما عدلا ، وتفرد بمذاهب ، وكان بشر بن المعتمر وهشام بن عمرو وابو الحسن المدائني من تلامذته. ثم حكى ان الرشيد وجه به الى ملك السند ليناظره ، وان ملك السند دسّ له من سمّه في الطريق ، فمات (طبقات المعتزلة ٥٤ ـ ٥٦).