الجسم ، احدهما يحل فيه وهو في المكان الاول ، والثاني يحل فيه وهو في المكان الثاني. وهذا قول ابن الراوندي وابي العباس القلانسي. وزعم بشر انها تحل فيه لا في المكان الاول ، ولا في الثاني ، وليس بين الحالين واسطة. وهذا قول لا يعقله هو عن نفسه ، فكيف يعقله عنه خصمه (١)؟
ذكر المردارية (٢) منهم
هؤلاء اتباع المعروف بابي موسى المردار ، وكان قد افتتح دعوته بان قال لاتباعه ان الناس قادرون على مثل القرآن وعلى ما هو احسن منه نظما. وفي هذا ابطال اعجاز القرآن.
ثم قال بتكفير من لابس السلطان (٣) في زمانه ، وزعم انه لا يرث ولا يورث. وكيف / غفل سلطانه في زمانه عن قتله على هذه البدعة؟!
وزعم أيضا ان الله تعالى قادر على ان يظلم ويكذب ، ولو فعل ما قدر عليه من الظلم والكذب لكان إلها ظالما كاذبا.
وحكى عنه صاحبه ابو زفر انه اجاز وقوع فعل واحد من فاعلين على
__________________
(١) الفضائح الخمس المذكورة هنا في المخطوط ، واردة بذات الترتيب في كتاب «الفرق» مع بعض الاختلاف في التعبير فقط (انظر الفرق ط. بدر ص ١٤٢ ـ ١٤٥ ، الكوثري ص ٩٥ ـ ٩٦ ، عبد الحميد ص ١٥٧ ـ ١٥٩) اما ما جاء في «مختصر الفرق» للرسعني عن البشرية فانه موجز جدا وبعض المسائل غير واردة فيه (مختصر الفرق ص ١١٠ ـ ١١١) فكأن ما جاء في كتاب «الفرق» ما هو الا تكرار لما ذكر في كتاب «الملل والنحل» مع بعض الاختلاف في التعبير بينما الأفكار هي هي.
(٢) المردارية هم اتباع ابي موسى عيسى بن صبيح ، ولقبه المردار ، وفي «طبقات المعتزلة» (ابن المردار). قال ابن الاخشيد : هو من علماء المعتزلة ومن المقدمين فيهم ، وكان ممن اجاب بشر بن المعتمر ، ومن جهة ابي موسى انتشر الاعتزال في بغداد. ويقال انه كان من احسن عباد الله قصصا ، وافصحهم منطقا ، واثبتهم كلاما (طبقات المعتزلة ٧٠ ـ ٧١) وقال الشهرستاني : عيسى بن صبيح الملقب بالمردار. وقد تلمذ لبشر بن المعتمر ، واخذ العلم عنه ، وتزهد ، ويسمى راهب المعتزلة. ثم ذكر ما انفرد به عنهم (الملل ١ / ٦٨ ـ ٦٩).
(٣) في المخطوط : الشيطان ـ وفي كتاب «الفرق» : «السلطان» (ط. بدر ص ١٥١ ، الكوثري ص ١٠٠ ، عبد الحميد ص ١٦٥).