وبقي قوم على رأيه ؛ وقالوا ان الدّين أمران : أحدهما معرفة الله تعالى ، ومعرفة رسله عليهمالسلام ، وتحريم دماء المسلمين واموالهم ، وتحريم الغصب ، والاقرار بما جاء من عند الله جملة. فهذا واجب عامة ، وما سوى هذا فالناس معذورون في جهالته حتى تقوم عليهم الحجة في جميع الحلال والحرام. ومن استحل باجتهاده شيئا محرما فهو معذور ، ومن خاف العذاب على المجتهد المخطئ / قبل ان يقوم عليه الحجة ، فهو كافر (١).
ثم انهم استحلوا بعد ذلك دماء اهل العهد واموالهم في دار البعثة ، وتبرءوا جميعا ممن حرمها. وتولوا اصحاب الحدود عن موافقيهم ، وقالوا : لعل الله يعذبهم بذنوبهم في غير النار ، ثم يدخلهم الجنة (٢).
وزعموا ان من نظر نظرة صغيرة ، او كذب كذبة صغيرة ، فهو مشرك. ومن زنا وسرق وشرب الخمر غير مصرّ فهو مسلم (٣). ومن اجل هذا فارقهم عطية وذهب الى سجستان ، وقيل لاصحابه «عطوية».
ومنهم العجاردة. والعجاردة فرق ، نذكرها بعد هذا.
ذكر الصفرية الزيادية منهم
هؤلاء اتباع زياد بن الاصفر ، وهم الذين وافقوا الازارقة في جميع بدعها الا في عذاب الاطفال (٤) ، فانهم لم يجيزوه ، واكفروا الازارقة واكفرتهم الازارقة في ذلك.
__________________
(١) الكلام من : «وقالوا ان الدين امران ... الى فهو كافر» وارد في «الفرق» حرفيا تقريبا (انظر ط. الكوثري ص ٥٣ ، ط. بدر ص ٦٨ ، ط. عبد الحميد ص ٨٩) ولكنه ورد فيها قبل ان يطلب منه اصحابه ان يتوب على أحداثه ، بينما في هذا المخطوط الكلام وارد بعد ان طلبوا منه ان يتوب.
(٢) الكلام الوارد في هذه الفقرة غير مذكور في «الفرق».
(٣) في «الفرق» (ط. الكوثري ص ٥٣ ، ط. بدر ص ٦٨ ، ط. عبد الحميد ص ٨٩) ذكر الكلام الوارد في هذه الفقرة «وزعموا ان من نظر ... مع الاحداث التي طلبوا من نجدة ابن عامر».
(٤) عذاب الأطفال ، جاء في «الفرق» : «قتل اطفال مخالفيهم ونسائهم» (ط. كوثري ط ٥٤ ، ط. بدر ص ٧٠ ، ط. عبد الحميد ص ٩١).