وقد شاركا الثنوية بدعوى خالقين ، وشاركا النصارى بدعوى الإلهية المسيح ، وتحامقا في دعواهما ان المسيح خلق اباه آدم. فيا عجبا من فرع يخلق اصله (١).
واما بدعة التناسخ ، فاول من قالها / من الفلاسفة سقراط ، ثم صار إليه في دولة الاسلام قوم من غلاة الروافض ، فزعموا ان روح الاله تناسخت في الأئمة. وادعت البيانية بهذه العلة الإلهية بيان ، وادعاها الخطّابية بابي الخطّاب ، ثم ادعاها الحلولية من اتباع ابي طسان الدمشقي ، ثم ادعتها الحائطية من القدرية. ـ ويقال لهم : ينبغي ان لا تغضبوا على من ضربكم ونتف اسبلتكم ان كان كل ما يصيبكم من الم ومحنة جزاء على معصية سبقت منكم في قالب آخر ، لان موقع الجزاء المستحقة غير معلوم على فعله (٢).
ذكر الحمارية منهم (٣)
هؤلاء قوم من معتزلة عسكر مكرم ، اختاروا من كل بدعة شرعة. فاخذوا من ابن حائط قوله بالتناسخ ، واخذوا من بدع عباد بن سليمان قوله بان الذين نسخهم / الله قردة وخنازير كانوا (قبل) (٤) حال كونهم قردة وخنازير ناسا ، وكانوا معتقدين للكفر في تلك الحال. وكان عباد يزعم ان الانسان اذا مات
__________________
(١) اما الكلام من «وقد شاركا التنويه ... فرع يخلق اصله» فقد نوه إليه البغدادي في كتاب الفرق (بدر ص ٢٦١ ، الكوثري ص ١٦٦ عبد الحميد ص ٢٧٨).
(٢) ما جاء هنا عن التناسخ قد توسّع فيه البغدادي في كتاب «الفرق» في الفصل الثاني عشر من الباب الرابع (بدر ص ٢٥٣ ، الكوثري ص ١٦٢ ، عبد الحميد ص ٢٧٠). وفي هذا الفصل من كتاب «الفرق» يذكر قوله : «وذكر اصحاب المقالات عن سقراط وافلاطون واتباعهما من الفلاسفة انهم قالوا بتناسخ الارواح على تفصيل قد حكيناه عنهم في كتاب «الملل والنحل») (المراجع المذكورة اعلاه). وفي المخطوط هنا يذكر : «ثم صار إليه في دولة الاسلام قوم من غلاة الروافض ، فزعموا ان روح الاله تناسخت في الأئمة ...) (انظر في مقدمتنا للكتاب : ثانيا عنوان الكتاب ؛ رابعا : ذكر اصحاب المقالات ... انهم قالوا بتناسخ الأرواح).
(٣) ذكر البغدادي هذه الفرقة في الفصل الرابع عشر من الباب الرابع من كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ٢٦١ ، الكوثري ص ١٦٧ ، عبد الحميد ص ٢٧٨ وفي مختصر الفرق للرسعني ص ١٦٧).
(٤) في المخطوط «في» ، الاصح «قبل».