كما ترون القمر ليلة البدر» (١). وانما سمي المسيح لانه تدرع جسد انسان ، وكان قبل تدرعه اياه عقلا ، وهو العقل الذي خلقه الله تعالى أولا وقال له : «اقبل ، فاقبل ، وادبر ، فادبر. فقال : بك اعطي وبك آخذ» (٢).
وزعم أيضا ان في الطير انبياء منها ، وكذلك في البق والبعوض وسائر الحيوانات ، لقوله : وان (ما) (٣) من امة (الا) خلا فيها نذير. وقوله : ما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم. وقال (لعنه) الله (٤) بالتناسخ. وزعم ان الله تعالى ابتدأ الخلق في الجنة ضربة واحدة ، وانما خرج من خرج منها بالمعصية.
ثم انهما طعنا في النبي صلىاللهعليهوسلم من اصل انكحته ، وزعما ان أبا ذر الغفاري كان أنسك / أمته وازهد.
وقال ان كل من نال خيرا في الدنيا فانما ناله بعمل كان منه ، ومن ناله مرض وآفة فبذنب كان منه ، وما سمح الناس بذبحه فلانه كان قتالا ، وما امتنعوا من ذبحه فلانه كان في بدء امره عفيفا عن الدماء.
وزعما ان البغلة عوقبت بالعقم لانها كانت في بدء خلقها زانية ، وصار التيس وثابا على الاناث جزاء له على عفته من قبل.
وقالا ان التكرير لا يزال قائما في الدنيا الى ان يمتلئ مكيال الخير او مكيال الشر. فاذا خلص العمل طاعة نقل صاحبه الى الجنة ، وان خلص معصية نقل صاحبه الى النار.
__________________
(١) وفي البخاري : «انكم سترون ربكم» الحديث ـ والعرب تضرب المثل بالقمر في الشهرة والظهور ، وليس المراد التشبيه في التدوير والمسير والحد كما في «مختلف الحديث» لابن قتيبة (هامش رقم ٣ ص ١٦٦ من طبعة الكوثري لكتاب «الفرق»).
(٢) جاء في كتاب «الفرق» (بدر ص ٢٦١ ، الكوثري ص ١٦٦ ، عبد الحميد ص ٢٧٧) : «ان الله تعالى خلق العقل فقال له : أقبل فاقبل. وقال له : أدبر فادبر. فقال : ما خلقت خلقا أكرم منك وبك أعطي وبك آخذ».
(٣) تضاف (ما) لاستقامة المعنى وتحذف (الا). الكلام ابتداء من «وزعم أيضا ان في الطير انبياء ... الى النار ، في آخر الصفحة» غير وارد في كتاب «الفرق» في ذكر هذه الفرقة.
(٤) في المخطوط : وقال الله : لا شك في أن لفظ «لعنه» ساقط هنا قبل «الله».