فهذا ما اجمعت عليه النجارية من اصولهم. ـ وافترقوا بعد ذلك في خلق القرآن اكثر من عشر فرق ، تكفر بعضها بعضا. ومعظمها ثلاث فرق ، وهي البرغوثية ، والزعفرانية الاولى (١) ، والمستدركة من الزعفرانية (٢).
ذكر البرغوثية منهم
هؤلاء اتباع محمد بن عيسى ، الملقب ببرغوث ، وهو على اصول النجار ؛ يقول (٣) برغوث : ان المكتسب ليس بفاعل على الحقيقة ، وفي دعواه ان المتولدات فعل الله عزوجل بايجاب الطبيعة ، على معنى ان الله تعالى طبع / الحجر طبعا يذهب اذا وقع ، وطبع الحيوان طبعا يألم اذا ضرب. فالنجار مع اصحابنا في ان الله عزوجل خلق المتولدات اختراعا بلا طباع الاجسام (٤).
ذكر الزعفرانية منهم
هؤلاء نجارية الذين ينتسبون الى الزعفراني الذي كان يقول ان كلام الله عزوجل وكل ما هو غيره مخلوق (٥) ، ثم يقول مع ذلك «ان الكلب خير ممن يقول ان كلام الله مخلوق». ـ وقال يوما في دعاية على منبره «يا رب القرآن اهلك من يقول : القرآن مخلوق (مولود)» ، فناقض بآخر كلامه اوله (٦).
__________________
(١) لم يرد لفظ «الأولى» في كتاب «الفرق».
(٢) ما ورد هنا عن «النجارية» متفق اجمالا مع ما جاء في كتاب «الفرق» (انظر المراجع المذكورة في رقم ٢ من الصفحة السابقة) الا ان في كتاب «الفرق» جاء رأي النجارية في الجسم والعرض وهو غير وارد هنا.
(٣) لم يرد «يقول» في المخطوط اضفناها لاستقامة المعنى.
(٤) الكلام هنا عن البرغوثية متفق مع ما جاء في كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١٢٦ ـ ١٢٧ ، عبد الحميد ص ٢٠٩ ، ط. بدر ص ١٢٧).
(٥) هنا الكلام مضطرب وقد ورد واضحا في كتاب «الفرق» ، اذ جاء : «ان كلام الله تعالى غيره ، وكل ما هو غير الله تعالى مخلوق» (ط. بدر ص ١٢٧ ، الكوثري ص ١٢٧ ، عبد الحميد ص ٢٠٩).
(٦) قوله هذا «يا رب القرآن ... أوله» غير وارد في كتاب «الفرق».