بصرا ، ولا قدرة ، ولا علما ، ولا ألما ولا لذة ، ولا شيئا من / الاعراض. وانما خلق الأجسام (١) ، وخلقت الأجسام الأعراض في نفسها. وزعم ان ما في الجسم من لون وطعم ورائحة وحرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة ، فهو من فعل الجسم بطبعه. وكذلك بقاؤه فعل له بطبعه. وكذلك صلاح الزروع وفسادها من فعل الزروع عنده بطباعها.
وزعم أيضا ان فناء كل فان فعله دون ربه.
وحكى ابو الحسن (٢) الخياط عنه انه كان مع هذا كله يقول ان الله تعالى ملوّن الأجسام الملوّنة. وهذا قول لا معنى تحته على اصله ، لانه ان اراد به انه خلق الالوان فليس هذا قوله ، وان اراد به خلق التلون لزمه ان يقول ان الله تعالى مفسد الزرع ، خلق الفاسد. فقد ابطل معمر بهذه البدعة (فأيد) قول الله عزوجل انه يحيى ويميت ، ان لم يكن هو خالقا / للموت والحياة (٣).
والفضيحة الثانية له انه لما زعم ان الله تعالى لم يخلق شيئا من الاعراض ادته هذه البدعة الى القول بان القرآن ليس كلام الله تعالى ، لانه لم يمكنه ان يقول انه فعله كما قال سائر المعتزلة ، لدعواه ان الله تعالى غير فاعل الاعراض ، ولا ان يقول ان كلامه صفة قائمة به ، لأنه لا يثبت لله صفة قائمة. فلزمه على اصله ان لا يكون لله تعالى كلام ولا امر ولا نهي ولا خبر. وفي هذا ابطال احكام الشريعة ، وما اراد غيره لقوله بما يؤدي إليه.
__________________
(١) يذكر فيليب حتّى في هامش طبعته «لمختصر كتاب الفرق بين الفرق» للرسعني ص ١١٠ هامش رقم ١ : «عنى «بالأجسام» ما نسميه اليوم «مادة» فنظريته اذا هي أنّ الله خلق المادة فقط ؛ اما التغييرات ـ الأعراض ، التي تحدث فيها فإما تتأتى ضرورة بحكم طبيعتها كالاحتراق في النار ، والاشعاع من الشمس ، او تنتج اختيارا وبداعي حرية الإرادة ، كما هي الحال في عالم الحيوان والانسان. راجع الشهرستاني ١ : ٨٣ ـ ٨٤ وmacdonald muslimtheology ص ١٤٣ ـ ١٤٤ وo ,leary ص ١٢٧ ـ ١٢٨.
(٢) الاصح : ابو الحسين الخياط ، صاحب كتاب «الانتصار».
(٣) لفظ (فأيد) زائد هنا ولا معنى له ، لذلك وضعناه بين قوسين. هذه الفقرة الخاصة بما حكاه ابو الحسين الخياط عن معمر غير واردة في كتاب «الفرق» (انظر ط. بدر ص ١٣٦ ـ ١٣٧ ، ط. الكوثري ص ٩٢ ، ط. عبد الحميد ص ١٥٢).