على ذلك في سكون دائم ابدا. ـ وفي هذا الاعتذار احالة (١) من وجوه : احدها جواز اجتماع لذات متضادة في محل واحد ، ولو جاز ذلك كان اجتماع لذات متضادة في محل واحد. والوجه الثاني ان هذا الاعتبار (٢) ، لو صح ، لوجب ان يكون حال اهل الجنة ، عند فناء مقدورات الله تعالى ، احسن من حالهم عند كون الاله قادرا. ومن العجب ان المعتزلة عابت جهما (٣) / في قوله : تفنى الجنة والنار بعد فنائهما (٤). وكيف لم يعب شيخها ابو الهذيل في دعواه فناء مقدورات الله تعالى جملة؟.
ومن فضائح ابي الهذيل (٥) أيضا قوله بان اهل الجنة مضطرون الى اقوالهم وحركاتهم وكل ما يكون منهم من اكل وشرب وجماع وغير ذلك. وكانت المعتزلة تكفر جهما في قوله ان العباد في الدنيا مضطرون الى ما يكون منهم (٦) ويكفرون اصحابنا في قولهم بان الله عزوجل خالق اكساب العباد. ويقولون لجهم : اذا خلق الله الظلم والكذب ، وجب ان يكون ظالما كاذبا. ـ فهلا قالوا لابي الهذيل : اذا خلق الله عزوجل اكل اهل الجنة وشربهم ، وجب ان يكون بها (٧) اكل وشرب؟ وقد الزمه المردار ذلك ، وقال ان أبا الهذيل جهمي الآخرة. وقال له : اذا قلت ان الله / خالق اقوال اهل الآخرة لزمك ان يكون هو الخالق لقول اهل النار ، (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٨) وهذا كذب منهم ، وفاعل الكذب كاذب. وهذا
__________________
(١) جاء في المخطوط : حاله ؛ ولكن باقي الكلام يدل على انها «احالة» بمعنى استحالة قبول هذا الاعتذار.
(٢) جاء في «الفرق» «الاعتذار» ذات المراجع المذكورة في الصفحة السابقة ، هامش رقم ٢ ؛ ولكن لفظ «الاعتبار» هنا صح أيضا.
(٣) الجهم بن صفوان.
(٤) لا شك في ان الكلام ناقص هنا ، تكملته تكون : بعد قولهم بفنائهما ـ (اعني كيف تعير المعتزلة على جهم قوله بفناء الجنة والنار وهو يقول بفنائهما؟).
(٥) جاء في المخطوط : أبا الهذيل ، والأصح : ابي الهذيل.
(٦) كان الجهم بن صفوان جبريا ، لا يقول بحرية الاختيار عند الانسان ، بينما المعتزلة كانوا قدرية ، بمعنى انهم يقولون بان الانسان قادر على افعاله.
(٧) جاء في المخطوط : بهما اكلا وشربا.
(٨) سورة الانعام : مكية ٢٣.