وانما اختلفوا في حد شارب النبيذ اذا لم يسكر منه ، فقد وجب عليه الحد عند فريقي الرأي والحديث (١).
وزعم هذا المبتدع أيضا : من سرق حبة وما دونها فهو فاسق مخلد في النار ، منخلع من الايمان. وخالف بذلك اسلافه الذين قالوا بغفران الصغائر مع اجتناب الكبائر (٢).
وزعم أيضا ان رجلا لو بعث الى امرأة رسولا (٣) ليتزوجها فجاءته ، فوطئها من غير عقد لم يكن عليه حد ، وكان وطئه اياها طلاقا اذا كانت نيته انه انما احضرها على سبيل النكاح. وقال بعض المعتزلة انه انما اسقط / الحد عن المرأة وانه اوجبه على الرجل لانه زان. وهذا القائل جاهل بان المطاوعة للزاني زانية. وانما اختلف الفقهاء فيمن اكره امرأة على الزنا : فاوجب الشافعي عليه الحد دونها ، واوجب لها مهر مثلها ، وعليها العدة. واوجب غيره الحد عليه واسقط المهر. ولم يسقط احد من السلف الحد عن المطاوعة في الزنا ، كما اسقط بن مبشر. وكفاه بهذا خزيا.
واما جعفر بن حرب فانه جرى على ضلالات المردار ، وزاد عليه قوله بان بعض الجملة غير الجملة (٤) وان يد الانسان غير الانسان. ويلزمه على هذا ان تكون الجملة غير نفسها لان كل بعض لها (هو) غيرها عنده (٥).
__________________
(١) فريق اهل الرأي من الفقهاء هم مجتهدو العراق ، وفريق أهل الحديث مجتهدو الحجاز (الشهرستاني الملل ٢ : ٤٥ ـ ٤٦).
(٢) الكلام هنا متفق مع ما جاء في كتاب «الفرق» (ذات المراجع التي في رقم ٤ من الصفحة السابقة).
(٣) لم يأت ذكر «رسول» في كتاب «الفرق» (انظر الفرق ط. بدر ص ١٥٤ ، الكوثري ص ١٠١ ، عبد الحميد ص ١٦٨).
(٤) يريد : ان بعض الجملة هو غير الجملة.
(٥) هذا الكلام مختصر لما جاء في كتاب «الفرق» (ذات المراجع التي في رقم ٣).