الكريم وهدايته ، لا يرى إلّا الله سبحانه ، وبدلا من أن يرى جمال العالم ، فإنه يرى جمالا أزليا غير متناه ، وهذا العالم تجلّ لهذا الجمال الأزلي عندئذ يهب حياته ، وينسى ذاته ، ويفنى في حبّ الله جلّ شأنه.
وهذا الإدراك ـ كما يتّضح ـ لا يحصل عن طريق الحواس ، كالعين والأذن ، ولا عن طريق الخيال والعقل ، لأن هذه لم تكن سوى آيات ودلالات ، فهي في غفلة عن هذه الدلالة والهداية.
وهذا الطريق ، الذي لا بدّ لسالكه أن ينسى كل شيء سوى الله تعالى ، عند ما يستمع إلى قوله في كتابه المجيد : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١).
سيعلم أن الطريق الرئيسي الذي ينتهي به إلى الهداية الواقعية والكاملة ، هو طريق النفس الإنسانية ، والمرشد الحقيقي له ، هو الله تعالى ، فقد كلّفه بمعرفة نفسه ، وأن يسير في هذا السبيل ، بتركه للسبل الأخرى ليرى الله من هذه الطريق ، فإنه سيدرك مطلوبه الحقيقي.
والنبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «من عرف نفسه فقد عرف ربّه».
ويقول أيضا : «اعرفكم بنفسه ، أعرفكم بربه».
وأما طريقة السير والسلوك ، وهي طريقة الكثير من الآيات القرآنية التي تأمر بذكر الله تعالى ، كقوله : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) (٢)
__________________
(١) سورة المائدة الآية ١٠٥.
(٢) سورة البقرة الآية ١٥٢.