يخرج عن الطبيعة والنظام الحاكم فيها مهما سلك من سبل ، ولن يغض النظر ـ بما أوتي من شعور وإدراك ـ عن المشاهد الخلابة ، سواء في الأرض أو في السماء.
إن عالم الوجود (١) بما يتصف من سعة فإن كل جزء منه ، بل وجميع أجزائه معرّضة للتغيير والتبديل المستمرين ، وتظهر في كل لحظة بشكل جديد غير سابقتها
ووفقا للقوانين التي لا تقبل الاستثناء ، فإن هذا العالم بأسره ، ينطوي على نظام واضح بيّن ، يجري وفقا لقوانين مدهشة ومحيّرة للعقول ، تسيّر عمله من أدنى حالة إلى أكملها ، كي توصله إلى الهدف الاسمي وهو الكمال.
وفوق الأنظمة الخاصة ، توجد أنظمة أعمّ ، وهي النظام العام للكون ، الذي يربط أجزاءه العديدة التي لا تحصى بعضها ببعض ، ويوفق بين الأنظمة الجزئية ، ويربط بعضها بالبعض الآخر ، فهي في سيرها المستمر لن تتصف بالاستثناء أو الاختلال.
فنظام الخلقة مثلا عند ما أوجد الإنسان على سطح الأرض ، فقد جعل خلقته تتناسب مع المحيط الذي يعيش فيه ، وجعل المحيط بشكل يتناسب وذلك المخلوق ، كالمربّية العطوف التي تربي النشأ بكل عطف وحنان ، فالعالم بما فيه من شمس وقمر ونجوم وماء وتراب وليل ونهار ، والفصول السنويّة ، والسحب والرياح
__________________
(١) يقول جلّ ثناؤه (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ* وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ* وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ، وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ* تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) سورة الجاثية الآية (٣ ـ ٦).