الكريم هذا التكامل التدريجي (ويمكن الوصول إليه عن طريق العقل) ، ومما يستفاد من آياته ، أن الشرائع اللاحقة أكمل من الشرائع السابقة ، بقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (١).
ومما تبيّنه النظريات العلميّة ، ويصرّح به القرآن الكريم ، إن حياة المجتمعات البشرية في هذا العالم ليست أبديّة ، ومن الطبيعي أن التكامل لبني نوعها لم يكن غير متناه ، فمن هذه الجهة ، ستتوقف جميع الوظائف الإنسانية من حيث الاعتقاد والعمل في مرحلة معينة ، وتبعا لهذه الحقيقة ، فإن النبوة والشريعة أيضا يوما ما ستصل إلى آخر مرحلة من مراحل الكمال والاعتقاد ، وبثّ القوانين العلمية ، وبذلك تكون النهاية والخاتمة لها.
ومن هنا نرى القرآن الكريم يوضّح هذه الحقيقة ويصرّح بأن الإسلام ، هو الدين الذي اختاره لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هو آخر الأديان السماوية وأكملها ، وبأن الكتاب العزيز لا ينسخ ، وأن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم هو خاتم الأنبياء ، والإسلام يحتوي على كافة الوظائف والواجبات ، كما في قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ* لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) (٢).
ويقول أيضا : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (٣).
وقوله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) (٤).
__________________
(١) سورة المائدة الآية ٤٨.
(٢) سورة فصلت الآية ٤١ ـ ٤٢.
(٣) سورة الأحزاب الآية ٤٠.
(٤) سورة النحل الآية ٨٩.