إن الركن الأساسي لهذا القانون الشامل هو الكلمة الحقة وهو الإيمان بالله الأحد ، وأن جميع العلوم تنبثق من التوحيد ، ومن ثمّ تستنبط الأخلاق الإنسانية المثلى من هذه الأصول ، وتصبح جزء من هذا القانون ، ثمّ تنظّم وتنسّق الكليات والجزئيات والتي هي خارجة عن نطاق إحصاء البشر ، وتدرس الوظائف التي ترتبط بها ، والتي تنبع من التوحيد ، وتصدر منه.
في الدين الإسلامي ارتباط وثيق بين الأصول والفروع على نحو يرجع كل حكم فرعي من أيّ باب ـ إذا ما محص ـ إلى كلمة التوحيد وينتهي إليه.
وطبيعي أن التنظيم والتنسيق النهائي لمثل هذا القانون الواسع الشامل ، مع ما يمتاز به من وحدة وارتباط ، خارج عن قدرة شخص ضليع في علم الحقوق والقانون ، وإن كان من أشهر مشاهيرهم ، فضلا من أن الفهرست الابتدائي له ليس بالأمر اليسير ، فكيف برجل يعيش في زمن يتصف بالحياة البدائية ، في خضم الآلاف من المشاكل والمصائب التي تهدّد الأموال والأرواح والفتن الداخلية والخارجية ، وفي النهاية يبقى منفردا أمام العالم أجمع.
هذا فضلا من أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لم يتعلّم القراءة والكتابة عند معلم ، لقد قضى ثلثي عمره وحياته قبل دعوته (١) في بيئة تفتقر
__________________
(١) وفي القرآن الكريم عن النبي (ص) (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ). سورة يونس الآية ١٦ ، ويقول أيضا : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) سورة العنكبوت الآية ٤٨.
ويقول أيضا : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ). سورة البقرة الآية ٢٣.