والمراد من طريق الظاهر ، هو البيان الذي يتناسب مع مستوى أفكار العامة ، على خلاف الطريق الباطن الذي يختصّ بالخاصة منهم ، ويدرك مع روح الحياة المعنويّة.
والبيان الذي يؤخذ عن طريق الظاهر مؤداه أن الله تعالى الحاكم المطلق لعالم الخلقة ، فكل ما في هذا الكون ملكه ، فهو الذي خلق الملائكة التي لا يعلم إحصاؤها كي تكون مطيعة ومنفّذة لأوامره ، يرسلهم إلى حيث شاء من الكون ، ولكل بقعة من عالم الطبيعة وما يلازمها من نظم ترتبط بمجموعة خاصة من الملائكة موكّلين عليها.
والنوع الإنساني من مخلوقاته وعباده الذين يجب عليهم اتباع أوامره ونواهيه ، والطاعة له ، وما الأنبياء إلّا حملة شرائعه وقوانينه ، يبعثهم إلى الناس ، لبيان وإجراء تلك الشرائع والقوانين.
فالله جلّ ثناؤه ، لما جعل الثواب والأجر لمن آمن وأطاع ، جعل العقاب والعذاب لمن كفر وعصى ، وهو القائل ، (وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ) ، ولما كان عادلا ، فعدالته تقتضي أن يفصل بين الفريقين في النشأة الأخرى ، وهما الأخيار والأشرار ، وأن يمتّع الأخيار بالنعيم ، وللأشرار الشقاء.
وقد وعد الله تعالى بمقتضى عدله ، أن يحشر الناس الذين مروا في الحياة الدنيا دون استثناء ، ويحاسبهم حسابا دقيقا في معتقداتهم وأعمالهم ، من صغيرة أو كبيرة ، ويقضي بينهم بالحق والعدل ، وفي النهاية ، سيوصل لكل ذي حق حقه ، ويأخذ لكل مظلوم نصيبه ممن ظلمه ، ويعطي أجر عمل كل عامل ، ويصدر الحكم لفريق في الجنة وفريق في السعير.