بعده ، أو أنه لم يعين شخصا يقوم بإدارة الدولة الإسلامية.
وليس هناك من شك ، والفطرة الإنسانية تقرّ ، بأن نشوء مجتمع ما يرتبط بمجموعة من عادات وتقاليد مشتركة تقرّها أكثرية ساحقة لذلك المجتمع ، وكذا يرتبط بقاؤها ودوامها بحكومة عادلة تتبنّى إجراء تلك العادات والتقاليد إجراء كاملا ، وهذا الأمر لا يخفى على الشخص اللبيب أو يغفل عنه ، في حين أنه ليس هناك مجال للشك في الشريعة الإسلامية ، بما فيها من دقة ونظام ، ولما كان يبديه النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم من احترام وتقدير لتلك الشريعة ، إذ كان يضحّي بما في وسعه في سبيلها ، أن يهمل الموضوع أو يتركه. علما بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان نابغة زمانه ، في قوة تفكره ، وفراسته وتدبيره ، (فضلا عن مستلزمات الوحي والنبوة وما تتبعها من تأييدات).
وكما نجد في الأخبار المتواترة عن طريق العامة والخاصة ، في كتب الأحاديث والروايات (باب الفتن وغيرها) ، إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ينبئ بالفتن والمحن التي ستلاقيها الأمة الإسلامية بعده ، وما يشوب الإسلام من فساد ، كحكومة آل مروان وغيرهم ، الذين غيّروا وحرّفوا الشريعة السمحاء ، فكيف يعقل أن من يهتم بأمور تحدث بعد سنوات عديدة متأخرة عن وفاته ، وما تنطوي عليها من فتن ومصائب ، أن يتغافل عن موضوع يحدث بعيد وفاته ، وفي الأيام الأوّل بعد رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! ولا يبدي اهتماما لموضوع خطير من جهة ، وبسيط من جهة أخرى ، في حين كان يبدي اهتمامه لأبسط الأمور الاعتيادية ، كالأكل والشرب والنوم وما شاكل ، فنجده يصدّر