الأوامر اللازمة لهذه المسائل الطبيعية ، فكيف لا يبدي اهتماما لمسائل أساسية هامة أو أن يختار الصمت إزاءها ، ولا يعيّن أحدا مكانه؟
وعلى فرض المحال ، لو كان تعيين القائد لمجتمع إسلامي في الشريعة الإسلامية ، منوطا بالمجتمع نفسه ، لكان لزاما على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أن يصرّح في هذا الخصوص ويشير إليه إشارة وافية ، ويعطي الأمّة الإرشادات اللازمة ، كي تصبح واعية أمام موضوع يضمن لها تقدمها وتكاملها ، وتتوقف عليه شعائر دينها.
في حين أننا لم نجد مثل هذا التصريح ، ولو كان هناك نصّ صريح لما خالفه من جاء من بعده ، وذلك ما حدث من الخليفة الأوّل ، وانتقال الخلافة إلى الثاني بوصية منه ، والرابع أوصى لابنه ، أما الخليفة الثاني فقد دفع الثالث إلى منصة الخلافة بحجّة أنه أحال الأمر من بعده إلى شورى تتضمن ستة أعضاء ، وقد عين هؤلاء الأعضاء ، وكذا كيفية انتخابهم.
أما معاوية فقد استعمل الشدّة حتى صالح الإمام الحسن عليهالسلام ، واستتب له الأمر ، وبعدها صارت الخلافة وراثية ، وتغيّرت الشعائر الدينية ، من جهاد وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة الحدود وغيرها. كل هذه قد زالت عن المجتمع الإسلامي ، فاضحت جهود الشارع هباء (١).
__________________
(١) فيما يتعلق بموضوع الإمامة وخلافة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والحكومة الإسلامية ، تراجع المصادر التالية : تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ٢٦ ـ ٦١ ـ السيرة لابن هشام ج ٢ : ٢٢٣ ـ ٢٧١.
تاريخ أبي الفداء ج ١ : ١٢٦ / غاية المرام صفحة ٦٦٤ نقلا عن مسند أحمد وغيره.