أما الشيعة فقد حصلت على هذه النتيجة خلال البحث والدراسة في الوعي الفطري للإنسان ، والسيرة المستمرة للعقلاء ، وبالتعمّق والفحص في الأسس الأساسية للشريعة الإسلامية والتي تهدف إلى إحياء هذه الفطرة الإنسانية ، وبالتأمل في الحياة الاجتماعية التي كان ينهجها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكذا بدراسة الحوادث المؤسفة التي حدثت بعد فاته ، والتي عانت الأمة الإسلامية منها عناء بالغا ، ودراسة وضع الحكومات الإسلامية في القرن الأول ، وما لازمها من قصور عن أداء وظائفها ، فإننا نصل إلى هذه النتيجة.
ثم إن هناك نصوصا كافية قد صرّحت من قبل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في خصوص تعيين إمام وخليفة من بعده ، وأن الآيات والأخبار المتواترة القطعية تشير إلى هذا المعنى ، كآية الولاية وحديث غدير خم (١) وحديث السفينة وحديث الثقلين ، وحديث الحقّ وحديث
__________________
(١) ويستدل آيات من الذكر الحكيم لإثبات خلافة علي بن أبي طالب (ع) منها الآية : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) الآية ٥٥ من سورة المائدة.
اتفق المفسرون شيعة وسنة ، إن الآية المذكورة ، نزلت في شأن علي بن أبي طالب (ع) ، وتؤيد ذلك المزيد من الروايات عن طريق العامة والخاصة.
ومما ينقل عن أبي ذر الغفاري أنه قال : «صلّيت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوما من الأيام صلاة الظهر ، فسأل سائل في المسجد ، فلم يعطه أحد فرفع السائل يده إلى السماء وقال : اللهم اشهد إني سألت في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم يعطني أحد شيئا ، وكان علي راكعا وأومى إليه بخنصره اليمنى ، وكان يتختم فيها ، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره ، وذلك بعين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلما فرغ من صلاته ، رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم ، سألك موسى ، فقال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي). فانزلت عليه قرآنا ناطقا : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ، وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) ـ