الآية مما يَقْبَل التعليل ويَسَع التأويل فلا تقبلْنه ساذَجا ولا تَسْتعمِلْنه خارجا فأقول إن فى هذه الآية ثلاثةَ أنواع من اللون محمولَةً بالاشتقاق على موضُوعاتها وهو الأبيض والأحمر والأسْود ولهذه الأنواع الثلاثة فى هذه اللسان العَرَبِيَّة أسماءٌ مستعملة قريبة وآخَرُ بالاضَافة اليها وحْشِيَّة غَرِيبة لا تَدُور فى اللُّغة مَدارَها ولا تَسْتمرُّ استِمْرارها ألا تَرَى أن قولنا أبيضُ وأحمرُ وأسوَدُ من اللفظ المشهور وقد تداولَتْه أَلْسِنة الجُمْهور وقولنا فى الأبيض ناصِع وفى الأحمر قُمُدٌّ وفى الاسود غِرْبيب من الأفراد التى رُفِعت عن الابتذال وأُودِعَت صِوَانا فى قِلَّة الاستعمال مع أنك لا تَجِدها فى غالِب الأمر الا تابعة للألفاظ المَشْهورة يقولون أبيضُ ناصِعٌ وأحمرُ قُمُدٌّ وأسوَدُ غِرْبيبٌ وان كان قد يستعمل مفردا كقوله* بالحَقِّ الذى هو ناصِع* و* يُعْصَرُ منها مُلَاحِىٌّ وغِرْبِيبُ وبقُمُدٍّ كَسائِلِ الجِرْيَالِ*
لكنِّى انما قلت بالأغْلب والأذْهب فلما ذكر تعالى هذين النوعيْن المشتقَّيْن بالاسمين المشهورين الأبيضِ والاحمرِ وشفعهما باللفظ الغَريب الذى لا تَكاد تَراه الا تابِعا وهو الغِرْبِيب قرنَهُ بالاسم المشهورِ الذى هو الاسود وصار بمنزلة صفة وغُرَابىّ وحُلْبُوب وحانِك وحالِكٍ ومُحْلَوْلِك ويقال هو أسودُ من حَنَك الغُراب وحَلَكه أى سَوَاده* ابن السكيت* لا يقال من حَنَك الغُراب* الأصمعى* الحَلَك ـ السَّواد فى كل شئ وقد حَلِك حَلَكا واحْلَنْكَك وشئ حُلْكُوك وحَلَكُوكٌ وليس فى الألْوان فَعَلُول غيره* أبو عبيد* أسوَدُ دَجُوجِىٌّ وخُدَارِىٌّ ودَامِجٌ ودَيْجُورٌ ودَيْجُوجٌ ومُصْلَخِمٌّ ومُعْلَنْكِسٌ ومُعْلَنْكِكٌ ومُسْحَنْكِكٌ وخَصَّ مرة بالمُسْحَنْكِكِ الشعرَ* قال سيبويه* لا يُستَعمل الا مَزِيدا* ابن السكيت* السُّحْكُوك والأَكْمَجُ والأسْفَعُ ـ الأسْودُ* صاحب العين* السُّفْعة ـ سَوَاد مُشْرَب حُمْرة والسُّفْعَة والسَّفَع ـ سَوَاد وشُحُوب فى وَجْه المرأة وفى الحديث إنِّى وسَفْعَاءَ الخَدَّينِ الحانِيةَ على وَلَدها يومَ القِيامة كهاتَيْنِ وبه سُمِّيت الأثافِى سُفْعا والسُّفْعة ـ سَوَاد فى الصَّقْر والثَّوْر وسيأتى ذِكْره* ابن دريد* الدَّخَخُ ـ سَوَاد وكُدْرة والأخْضَر ـ الأسْود* ابن السكيت* والحَلْكَمُ ـ الأسود* وقال* أسْودُ فاحِمٌ للشديد