لا يغلب ، فنقله إلى الذي يغلب نفسه عند الغضب ويقهرها ، فإنّه إذا ملكها كان قد قهر أقوى أعدائه وشرّ خصومه ، ولذلك قال : «أعدى عدوّ لك نفسك التي بين جنبيك».
وهذا من الألفاظ التي نقلها (١) عن وضعها اللّغوىّ لضرب من التّوسّع والمجاز ، وهو من فصيح الكلام ، لأنه لما كان الغضبان بحالة شديدة من الغيظ ، وقد ثارت عليه شهوة الغضب ، فقهرها بحلمه ، وصَرَعَهَا بثباته ، كان كالصُّرَعَة الذي يَصْرَعُ الرجال ولا يَصْرَعُونَهُ.
وفيه «مثل المؤمن كالخامة من الزّرع تَصْرَعُهَا الريحُ مرة وتعدلها أخرى» أي تميلها وترميها من جانب إلى جانب.
ومنه الحديث «أنه صُرِعَ عن دابّة فجحش شقّه» أي سقط عن ظهرها.
والحديث الآخر «أنه أردف صفية فعثرت ناقته فصُرِعَا جميعا».
(صرف) (ه) فيه «لا يقبل الله منه صَرْفاً ولا عدلا» قد تكررت هاتان اللفظتان في الحديث ، فالصَّرْف : التوبة. وقيل النافلة. والعَدْلُ : الفدية. وقيل الفريضة.
(س) وفي حديث الشّفعة «إذا صُرِّفَتِ الطّرق فلا شفعة» أي بُيِّنَت مَصَارِفُها وشوارعها. كأنه من التَّصَرُّف والتَّصْرِيف.
(ه) وفي حديث أبي إدريس الخولانىّ «من طلب صَرْفَ الحديث يبتغي به إقبال وجوه الناس إليه» أراد بِصَرْفِ الحديث ما يتكلّفه الإنسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة. وإنما كره ذلك لما يدخله من الرّياء والتصنّع ، ولما يخالطه من الكذب والتّزيّد. يقال : فلان لا يحسن صَرْفَ الكلامِ : أي فضل بعضه على بعض. وهو من صَرْفِ الدّراهمِ وتفاضلها. هكذا جاء في كتاب «الغريب» عن أبي إدريس. والحديث مرفوع من رواية أبي هريرة رضياللهعنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم في سنن أبي داود.
وفي حديث ابن مسعود رضياللهعنه «أتيت النبىّ صلىاللهعليهوسلم وهو نائم في ظلّ الكعبة ، فاستيقظ محمارّا وجهه كأنه الصِّرْف» هو بالكسر شجر أحمر يدبغ به الأديم. ويسمّى الدم والشراب إذا لم يمزجا صِرْفاً. والصِّرْف : الخالص من كل شيء.
__________________
(١) أي النبى عليهالسلام. والذى فى اللسان : ... التى نقلها اللغويون عن وضعها ... الخ.